البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٩٨
الصلاة والسلام تعليما للجواز لا يوصف بها، والأول أولى لأنهم صرحوا باستنان قراءة هاتين السورتين في الجمعة والعيدين. وقيد بالفرض لأنه يسوي في السنن والنوافل بين ركعاتها في القراءة إلا فيما وردت به السنة أو الأثر. كذا في منية المصلي. وصرح في المحيط بكراهة تطويل ركعة من التطوع ونقص أخرى. وأطلق في جامع المحبوبي عدم كراهة إطالة الأولى على الثانية في السنن والنوافل لأن أمرها سهل، واختاره أبو اليسر ومشى عليه في خزانة الفتاوى كما ذكره في شرح منية المصلي فكان الظاهر عدم الكراهة.
قوله: (ولم يتعين شئ من القرآن لصلاة) لاطلاق قوله تعالى * (فاقرءوا ما تيسر من القرآن) * أراد بعدم التعيين عدم الفرضية وإلا فالفاتحة متعينة على وجه الوجوب لكل صلاة. وأشار إلى كراهة تعيين سورة لصلاة لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل كتعيين سورة السجدة وهل أتى على الانسان في فجر كل جمعة وسبح اسم ربك وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في الوتر. كذا في الهداية وغيرها. وظاهره أن المداومة مكروهة مطلقا، سواء اعتقد أن الصلاة تجوز بغيره أو لا، لأن دليل الكراهة لم يفصل وهو إيهام التفضيل وهجر الباقي فحينئذ لا حاجة إلى ما ذكره الطحاوي والأسبيجابي من أن الكراهة إذا رآه حتما يكره غيره، أما لو قرأ للتيسير عليه أو تبركا بقراءته صلى الله عليه وسلم فلا كراهة لكن بشرط أن يقرأ غيرها أحيانا لئلا يظن الجاهل أن غيرها لا يجوز اه‍. والأولى أن يجعل دليل كراهة المداومة إيهام التعيين لا هجر الباقي لأنه إنما يلزم لو لم يقرأ الباقي في صلاة أخرى.
وفي فتح القدير: ثم مقتضى الدليل عدم المداومة لا المداومة على العدم كما يفعله حنفية العصر، بل يستحب أن يقرأ ذلك أحيانا تبركا بالمأثور فإن لزوم الايهام ينتفي بالترك أحيانا
(٥٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 ... » »»
الفهرست