البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٨٥
يفعل سيئة فيها. ثم اختلفوا فيما يكتبانه فقيل ما فيه أجر أو وزر، وعزاه في الاختيار إلى محمد، وقيل يكتبان كل شئ حتى أنينه في مرضه. ثم اختلفوا يمحى المباح فقيل آخر النهار، وقيل يوم الخميس، والأكثرون على أنها تمحى يوم القيامة. كذا في الاختيار. وذكر بعض المفسرين أنه الصحيح عند المحققين، والمختار أن كيفية الكتابة والمكتوب فيه مما لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد أوسع الكلام في هذا العلامة ابن أمير حاج في شرح منية المصلي وذكر أن الصبي المميز لا ينوي الكتبة إذ ليسوا معه وإنما ينوي الحافظين له من الشياطين، ولذا لم يقل المصنف والكتبة ليعم كل مصل. ولم يذكر المصنف ما يفعله بعد السلام وقد قالوا: إن كان إماما وكانت صلاة يتنفل بعدها فإنه يقوم ويتحول عن مكانه إما يمنة أو يسرة وخلفه والجلوس مستقبلا بدعة، وإن كان لا يتنفل بعدها يقعد مكانه وإن شاء انحرف يمينا أو شمالا، وإن شاء استقبلهم بوجهه إلا أن يكون بحذائه مصل، سواء كان في الصف الأول أو في الأخير. والاستقبال إلى المصلي مكروه هذا ما صححه في البدائع، واختار في الخانية والمحيط استحباب أن ينحرف عن يمين القبلة وأن يصلي فيها، ويمين القبلة ما بحذاء يسار المستقبل ويشهد له ما في صحيح مسلم من حديث البراء كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه.
قوله: (وجهر بقراءة الفجر وأولي العشاءين ولو قضاء والجمعة والعيدين ويسر في غيرها كمتنفل بالنهار وخير المنفرد فيما يجهر كمتنفل بالليل) شروع في بيان القراءة وصفتها، وقدم صفتها من الجهر والاخفاء لأنه يعم المفروض وغيره، والأصل فيه كما ذكره المصنف في الكافي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن في الصلوات كلها في الابتداء وكان المشركون يؤذونه ويسبون من أنزل وأنزل عليه فأنزل الله تعالى * (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) * (الاسراء: 110) أي لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها وابتغ بين ذلك سبيلا بأن
(٥٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 ... » »»
الفهرست