البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٨٥
المعينة أو قبلها، فإذا أوقع المصلي النافلة في ذلك المحل صدق عليه أنه فعل الفعل المسمى سنة. فالحاصل أن وصف السنة يحصل بنفس الفعل الذي فعله صلى الله عليه وسلم وهو إنما كان يفعل على ما سمعت فإنه لم يكن ينوي السنة بل الصلاة لله تعالى، فعل أن وصف السنة ثبت بعد فعله على ذلك الوجه تسمية منا بفعله المخصوص لا أنه وصف يتوقف حصوله على نيته. وذكر قاضيخان في فتاواه في فصل التراويح اختلاف المشايخ في السنن والتراويح، والصحيح أنها لا تتأدى بنية الصلاة وبنية التطوع لأنها صلاة مخصوصة فتجب مراعاة الصفة للخروج عن العهدة، وذلك بأن ينوي السنة أو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يحتاج لكل شفع من التراويح أن ينوي ويعين؟ قال بعضهم يحتاج لأن كل شفع صلاة، والأصح أنه لا يحتاج لأن الكل بمنزلة صلاة واحدة ا ه‍. فقد اختلف التصحيح فلذا قال في منية المصلي: والاحتياط في التراويح أن ينوي التراويح أو سنة الوقت أو قيام الليل وفي السنة ينوي السنة ا ه‍. أطلق المصنف في السنة فشمل سنة الفجر حتى لو صلى ركعتين تهجدا ثم تبين أنه صلاهما بعد طلوع الفجر أجزأتا عن السنة. وفي آخر العمدة للصدر الشهيد: إذا صلى أربع ركعات تطوعا قبل الفجر فوقع ركعتان بعد الطلوع يحتسب من ركعتي الفجر ا ه‍. وفي الخلاصة: وبه يفتى وفيه نظر لأن السنة إنما تكون بتحريمة مبتدأة بعد الطلوع ولم تحصل، وقد قالوا في سجود السهو: إنه لو قام إلى الخامسة بعد القعود على رأس الرابعة ساهيا فإنه يضم السادسة ولا ينوبان عن سنة الظهر لما قلنا، فكذا في سنة الفجر، اللهم إلا أن يقال: لما كان التنفل مكروها في الفجر جعلناهما سنة بخلافه في الظهر. ولا يخفى أن الأربع التي تصلى بعد الجمعة على أنها آخر ظهر عليه للشك في الجمعة إذا تبين صحة الجمعة فإنها تنوب عن سنتها على قول الجمهور لأنه يلغو الوصف ويبقى الأصل، وبه تتأدى السنة وعلى قول البعض لا تنوب لاشتراط التعيين.
قوله: (وللفرض شرط تعيينه كالعصر مثلا) لاختلاف الفروض فلا بد من التعيين لقوله عليه الصلاة والسلام وإنما لكل امرئ ما نوى. أطلقه فشمل ما إذا قرن باليوم كعصر اليوم، سواء خرج الوقت أو لا، لأن غايته أنه قضاء بنية الأداء وهو جائز على الصحيح، يدل على هذا مسألة الأسير إذا اشتبه عليه رمضان فتحرى شهرا وصام فوقع صومه بعد رمضان وهذا قضاء بنية الأداء. كذا في الظهيرية. وشمل ما إذا قرن بالوقت كعصر الوقت أو فرض الوقت وقيدهما في فتح القدير بعدم خروج الوقت فإن خرج ونسيه لا يجزئه في الصحيح، وجعل هذا القيد الشارح قيدا في فرض الوقت فقط معللا بأن فرض الوقت في
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»
الفهرست