البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٦٩
السرة المحرم والمبيح. وقد يجاب عنه بأنه لم يكن محرما لدليل اقتضاه وهو ما أخرج أحمد في مسنده عن عمير بن إسحاق قال: كنت أمشي مع الحسن بن علي في بعض طرق المدينة فلقينا أبو هريرة فقال للحسن: اكشف لي عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله قال: فكشف عن بطنه فقبل سرته. كذا في شرح المنية. وكان محمد بن الفضل يقول: من السرة إلى موضع نبات شعر العانة ليس بعورة لتعامل العمال في إبداء ذلك الموضع عند الاتزار وفي ستره نوع حرج. وهذا القول ضعيف لأن التعامل بخلاف النص لا يعتبر. كذا في السراج. وفي الظهيرية: وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ حتى لو رأى رجل غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه إن لج، وإن رآه مكشوف الفخذ ينكر عليه بعنف ولا يضر به إن لج، وإن رآه مكشوف السوأة أمره بستر العورة وأدبه على ذلك إن لج ا ه‍. وهو يفيد أن لكل مسلم التعزير بالضرب فإنه لم يقيده بالقاضي، وسيأتي إن شاء الله تعالى في بابه.
قوله: (وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها) لقول تعالى * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * (النور: 31) قال ابن عباس: وجهها وكفيها وإن كان ابن مسعود فسره بالثياب كما رواه إسماعيل القاضي من حديث ابن عباس مرفوعا بسند جيد، ولان النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كانا عورة لما حرم سترهما. ولان الحاجة تدعوا إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى ابراز الكف للاخذ والاعطاء فلم يجعل ذلك عورة. وعبر بالكف دون اليد كما وقع في المحيط للدلالة على أنه مختص بالباطن وأن ظاهر الكف عورة كما هو ظاهر الرواية. وفي مختلفات قاضيخان: ظاهر الكف وباطنه ليسا بعورة إلى الرسغ ورجحه في شرح المنية بما أخرجه أبو داود في المراسيل عن قتادة مرفوعا أن المرأة إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل، ولان الظاهر أن إخراج الكف عن كونه عورة معلول بالابتلاء بالابداء إذ كونه عورة مع هذا الابتلاء موجب للحرج وهو مدفوع
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست