البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٣٧
هو حكم التعارض، فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر وحكم النهي في صلاة الفجر. كذا في شرح النقاية. وظاهره أن ترجيح المحرم على المبيح إنما هو عند عدم القياس، أما عنده فالترجيح له وفي القنية: كسالى العوام إذا صلوا الفجر وقت الطلوع لا ينكر عليهم لأنهم لو منعوا يتركونها أصلا ظاهرا، ولو صلوها تجوز عند أصحاب الحديث، والأداء الجائز عند البعض أولى من الترك أصلا. وفي البغية: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي تكره فيها الصلاة والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن اه‍. ولعله لأن القراءة ركن الصلاة وهي مكروهة فالأولى ترك ما كان ركنا لها. والتعبير بالاستواء أولى من التعبير بوقت الزوال لأن وقت الزوال لا تكره فيه الصلاة إجماعا. كذا في شرح منية المصلي.
قوله (وعن التنفل بعد صلاة الفجر والعصر لا عن قضاء فائتة وسجدة تلاوة وصلاة جنازة) أي منع عن النتفل في هذين الوقتين قصدا لا عن غيره لرواية الصحيحين لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وهو بعمومه متناول للفرائض فأخرجوها منه بالمعنى وهو أن الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا بمعنى في الوقت فلم يظهر في حق الفرائض، وقد بحث فيه المحقق ابن الهمام بأن هذا الاعتبار لا دليل عليه. ثم النظر إليه يستلزم نقيض قولهم العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعنى النص لأنه يستلزم معارضة النص بالمعنى، والنظر إلى النصوص يفيد منع القضاء تقديما للنهي العام على حديث التذكر. نعم يمكن إخراج صلاة الجنازة وسجدة التلاوة بأنهما ليسا بصلاة مطلقة، ويكفي في إخراج القضاء من الفساد العلم بأن النهي ليس بمعنى في الوقت، وذلك هو الموجب للفساد، وأما من الكراهة ففيه ما سبق اه‍. والحاصل إن الدليل يقتضي ثبوت الكراهة في كل صلاة وتخصيصه بلا مخصص شرعي لا يجوز. أطلق في الفائتة فشملت الوتر لأنه واجب على قوله، وأما على قولهما فهو سنة فينبغي أن لا يقضي بعد طلوع الفجر لكراهة التنفل فيه، لكن في القنية: الوتر يقضي بعد طلوع الفجر بالاجماع بخلاف سائر السنن اه‍. ولا يخفى ما فيه. واقتصر على الثلاثة ليفيد أن
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»
الفهرست