البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤١٩
أن يستنجي بروث أو عظم وقال: إنهما لا يطهران. فعلم أن ما أطلق الاستنجاء به بطهر إذ لو لم يطهر لم يطلق الاستنجاء به بحكم هذه العلة. وفي فتح القدير: وأجمع المتأخرون أنه لا ينجس بالعرق حتى لو سال العرق منه وأصاب الثوب والبدن أكثر من قدر الدرهم لا يمنع، وظاهر ما في الكتاب يدل على أن الماء مندوب، سواء كان قبله الحجر أو لا. فالحاصل أنه إذا اقتصر على الحجر كان مقيما للسنة، وإذا اقتصر على الماء كان مقيما لها أيضا وهو أفضل من الأول، وإذا جمع بينهما كان أفضل من الكل، وقيل الجمع سنة في زماننا، وقيل سنة على الاطلاق وهو الصحيح وعليه الفتوى. كذا في السراج الوهاج. وفي فتح القدير: هذا والنظر إلى ما تقدم أول الفصل من حديث أنس وعائشة يفيد أن الاستنجاء بالماء سنة مؤكدة في كل زمان لافادته المواظبة، وفيه ما قدمناه من البحث. أطلق الغسل بالماء ولم يقيده بعدد ليفيد أن الصحيح تفويضه إلى رأيه فيغسل حتى يقع في قلبه أنه طهر. كذا في الخلاصة بعد نقل الخلاف، فمنهم من شرط الثلاث، ومنهم من شرط السبع، ومنهم من شرط العشرة. والمراد بالاشتراط الاشتراط في حصول السنة وإلا فترك الكل لا يضره عندهم كما قدمناه. وفي فتاوى قاضيخان: والاستنجاء بالماء أفضل إن أمكنه ذلك من غير كشف العورة، وإن احتاج إلى كشف العورة يستنجي بالحجر ولا يستنجي بالماء. قالوا: من كشف العورة للاستنجاء يصير فاسقا. وفي فتح القدير: ولو كان على شط نهر ليس فيه سترة لو استنجى بالماء قالوا يفسق وكثيرا ما يفعله عوام المصريين في الميضأة فضلا عن شاطئ النيل اه‍. وقد قدمنا الكلام عليه أول الباب.
قوله: (ويجب إن جاوز النجس المخرج) أي ويجب غسل المحل بالماء إن تعدت النجاسة المخرج لأن للبدن حرارة جاذبة أجزاء النجاسة فلا يزيلها المسح بالحجر وهو القياس في محل الاستنجاء إلا أنه ترك فيه للنص على خلاف القياس فلا يتعداه. وفسرنا فاعل يجب بالغسل دون الاستنجاء كما فعل الشارح الزيلعي لما أن غسل ما عدا المخرج لا يسمى استنجاء، ولما قدمنا من أن الاستنجاء لا يكون إلا سنة. وأراد بالماء هنا كل مائع طاهر مزيل بقرينة تصريحه أول الباب وهو أولى من حمله على رواية محمد المعينة للماء كما أشار إليه في الكافي لأنها ضعيفة في المذهب كما علمت سابقا. وأراد بالمجاوز أن يكون أكثر من قدر الدرهم بقرينة ما بعده وحينئذ فالمراد بالوجوب الفرض. قوله: (ويعتبر القدر المانع وراء موضع الاستنجاء) أي
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست