البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٥٨
ولعله لضعف وجهها فإن قياسها على النصاب غير صحيح لأن الدم منقطع في أثناء المدة بالكلية، وفي المقيس عليه يشترط بقاؤ جزء من النصاب في أثناء الحول، وإنما الذي اشترط وجوده في الابتداء والانتهاء تمامه.
وروى ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه يعتبر أن يكون الدم في العشرة مثل أقله وهو قول زفر، ووجهه أن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام وهو اسم للدم، فإذا بلغ المرئي هذا المقدار كان قويا في نفسه فجعل أصلا وما يتخلله من الطهر تبع له. وإن كان الدم دون هذا كان ضعيفا في نفسه لا حكم له إذا انفرد فلا يمكن جعل زمان الطهر تبعا له، فلو رأت يوما دما وثمانية طهرا ويوما دما لم يكن شئ منه حيضا. وقال محمد: الطهر المتخلل إن نقض عن ثلاثة أيام ولو بساعة لا يفصل اعتبارا بالحيض، فإن كان ثلاثة فصاعدا فإن كان مثل الدمين أو أقل فكذلك تغليبا للمحرمات لأن اعتبار الدم يوجب حرمتها واعتبار الطهر يوجب حلها فغلب الحرام الحلال، وإن كان أكثر فصل ثم ينظر إن كان في أحد الجانبين ما يمكن أن يجعل حيضا فهو حيض والآخر استحاضة، وإن لم يكن فالكل استحاضة ولا يمكن كون كل من المحتوشين حيضا لأن الطهر حينئذ أقل من الدمين إلا إذا زاد على العشرة فيجعل الأول حيضا لسبقه لا الثاني ومن أصله أن لا يبدأ الحيض بالطهر ولا يختم به، سواء كان قبله أو بعده دم أو لم يكن، ولا يجعل زمان الطهر زمان الحيض بإحاطة الدمين به، ولو رأت مبتدأة يوما دما ويومين طهرا ويوما دما فالأربعة حيض، ولو رأت يوما دما وثلاثة طهرا ويومين دما لستة حيض للاستواء، ولو رأت يوما دما وخمسة طهرا يوما دما لا يكون حيضا لغلبة الطهر، ولو رأت ثلاثة دما وخمسة طهرا ويوما دما فالثلاثة حيض لغلبة الطهر فصار فاصلا والمتقدم أمكن جعله حيضا، ولو رأت يوما دما وخمسة طهرا وثلاثة دما فالأخير حيض لما تقدم، ولو رأت ثلاثة دما وستة طهرا وثلاثة دما فحيضها الثلاثة الأول لسبقها ولا تكون العشرة حيضا لغلبة الطهر فيها وإن كان مساويا باعتبار الزائد عليها، وقد صحح قول محمد في المبسوط والمحيط
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست