البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٣٠
هذا باب الأنجاس. ولما فرغ من الاحداث التي يكثر وقوعها ذكر ما هو أقل وقوعا منه، ولقب الباب بالحيض دون النفاس لكثرته أو لكونه حالة معهودة في بنات آدم دون النفاس. كذا في العناية. لكن الظاهر من كلام المصنف أنه من الأنجاس بدليل التعريف وأفرده لاختصاصه بأحكام على حدة وقدمه لكثرة مناسبته بالاحداث حتى كانت الأحكام المختصة بالاحداث ثابتة له. ولا يضر اختصاص نوع من النجس بأحكام وبهذا اندفع ما في النهاية كما لا يخفى، والظاهر أنه لا ثمرة لهذا الاختلاف. واعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصا من المتحيرة وتفاريعها، ولهذا اعتنى به المحققون وأفرده محمد في كتاب مستقل. ومعرفة مسائل الحيض من أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام كالطهارة والصلاة وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطئ والطلاق والعدة والاستبراء وغير ذلك من الأحكام. وكان من أعظم الواجبات لأن عظم منزلة العلم بالشئ بحسب منزلة ضرر الجهل به، وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها وإن كان الكلام فيها طويلا فإن المحصل يتشوف إلى ذلك، ولا التفات إلى كراهة أهل البطالة. ثم الكلام فيه في عشرة مواضع: في تفسيره لغة وشرعا، وسببه، وركنه، وشرطه، وقدره، وألوانه، وأوانه، ووقت ثبوته، والأحكام المتعلقة به. أما تفسيره لغة فقال أهل اللغة: أصله السيلان يقال حاض الوادي أي سال فسمي حيضا لسيلانه في أوقاته. وقال الأزهري: الحيض دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، ويقال حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا فهي حائض بحذف التاء لأنه صفة المؤنث خاصة فلا تحتاج إلى علامة التأنيث بخلاف قائمة ومسلمة، هذه اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى الجوهري عن الفراء أنه يقال أيضا حائضة وله عشرة أسماء: حيض وطمث بالمثلة وضحك وإكبار وإعصار ودراس وعراك وفراك - بالفاء - وطمس - بالسين المهملة - ونفاس. وزاد بعضهم طمت بالمثناة وطم ء بالهمزة. وأما تفسيره شرعا بناء على أنه من الأنجاس فما ذكره المصنف بقوله:
(وهو دم ينفضه رحم امرأة سليمة عن داء وصغر) فدخل في قوله دم غير المعرف
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست