البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣١٨
قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الجوربين. وقال حديث حسن صحيح. ورواه ابن حبان في صحيحه أيضا. ولأنه يمكن المشي فيه إذا كان ثخينا. وله أنه ليس في معنى الخف لأنه لا يمكن مواظبة المشي فيه إلا إذا كان منعلا وهو محمل الحديث. وعنه أنه رجع إلى قولهما وعليه الفتوى. كذا في الهداية وأكثر الكتب لأنه في معنى الخف، فالتأويل المذكور للحديث قصر لدلالته عن مقتضاه بغير سبب فلا يسمع على أن الظاهر أنه لو كان المراد به ذلك لنص عليه الراوي، هذا بخلاف الرقيق فإن الدليل يفيد إخراجه من الاطلاق لكونه ليس في معنى الخف، وما نقل من تضعيفه عن الإمام أحمد وابن مهدي ومسلم حتى قال النووي كل منهم لو انفرد قدم على الترمذي مع أن الجر مقدم على التعديل فلا يضر لكونه روي من طرق متعددة ذكرها الزيلعي المخرج وهي وإن كانت كلها ضعيفة اعتضد بعضها ببعض، والضعيف إذا روي من طرق صار حسنا مع ما ظهر من مسح كثير من الصحابة من غير نكير منهم على فاعله كما ذكره أبو داود في سننه. ثم مع هذا كله لم يوجد من المعنى ما يقوى على الاستقلال بالمنع فلا جرم إن كان الفتوى على الجواز. وما في البدائع من أنها حكاية حال لا عموم لها فمسلم لو لم يرد ما رواه الطبراني عن بلال قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين والجوربين. وفي الخلاصة: فإن كان الجورب من مرعزي وصوف لا يجوز المسح عليه عندهم. المرعز بميم مكسورة وقد تفتح فراء ساكنة فمهملة مكسورة فزاي مشددة مفتوحة فألف مقصورة وقد تمد مع تخفيف الزاي وقد تحذف مع بقاء التشديد: الزغب الذي تحت شعر العنز. كذا في شرح النقاية. وفي المجتبى: لا يجوز المسح على الجورب الرقيق من غزل أو شعر بلا خلاف، ولو كان ثخينا يمشي معه فرسخا فصاعدا كجورب أهل مرو فعلى الخلاف. وكذا الجورب من جلد رقيق على الخلاف، ويجوز على الجوارب اللبدية. وعن أبي
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست