البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٧٤
وفي سماعه عن نافع نظر. وقال ابن خزيمة: الرواية فيه عن ابن عمر لا تصح. وفي السند الثالث الحجاج بن أرطأة والحارث الأعور وهما ضعيفان، مع أن ظاهرهما متروك فإنهم يجوزون أكثر من صلاة واحدة من النوافل مع الفرض تبعا له بشرط أن يتيمم له، فلو تيمم لصلاة النفل لا يجوز أن يؤدي الفرض به عنده وعلى عكسه يجوز.
تنبيه. ظاهر كلام المشايخ هنا أن الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط فإنهم قالوا: إن التراب مطهر بشرط عدم الماء فإذا وجد الماء فقد الشرط ففقد المشروط وهو طهورية التراب.
والمذكور في الأصول أن الشرط لا يلزم من عدمه العدم ولا من وجوده وجود ولا عدم والجواب أن الشرط إذا كان مساويا للمشروط استلزمه وههنا كذلك، فإن كل واحد من عدم الماء وجواز التيمم مساو للآخر لا مخالة فجاز أن يستلزمه. كذا في العناية، فإن قلت: لا نسلم مساواتهما لجوازه مع وجوده حال مرضه قلت: ليس بموجود فيها حكما لأن المراد به القدرة وهو ليس بقادر.
قوله (وخوف فوت صلاة جنازة) أي يجوز التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة، أطلقه وقيده في الهداية بأربعة أشياء: حضور الجنازة وكونه صحيحا وكونه في المصر وكونه ليس بولي، ووافقه على الأخير في الوافي. ولا حاجة إلى هذه القيود أصلا لأن المريض يرخص له التيمم مطلقا، وكذا المسافر وقبل حضورها لا يخاف الفوت إذ الوجوب بالحضور، وكذا لا يخاف الفوت الولي مع أن في جوازه له خلافا ففي الهداية: الصحيح أنه لا يجوز له التيمم لأن للولي حق الإعادة فلا فوات في حقه واختاره المصنف في الكافي. وصحح في التجنيس في الإمام عدم الجواز إن كانوا ينتظرونه وإلا جاز. وفي ظاهر الرواية جوازه لهما وصححه السرخسي. وقال صاحب الذخيرة: لا فرق بين الإمام والمقتدى ومن له حق الصلاة لأن الانتظار فيها مكروه. والمراد بالوالي من له التقدم حتى لا يجوز التيمم للسلطان والقاضي والوالي على ما في الهداية لأن الوالي إذا كان لا يجوز له التيمم وهو مؤخر فمن هو مقدم عليه أولى لأن المقدم على الولي له حق الإعادة لو صلى الولي، فعلى هذا يجوز التيمم للولي إذا كان من هو مقدم عليه حاضرا اتفاقا لأنه يخاف الفوت إذ ليس له حق الإعادة لو صلى من هو مقدم عليه كما علم في الجنائز. وكذا يجوز للولي التيمم إذا أذن لغيره بالصلاة لأنه حينئذ لا حق له في الإعادة فيخاف فوتها، ولا يجوز لمن أمره الولي. كذا في الخلاصة. وهذه التفاريع التي ذكرناها إنما هي على مختار صاحب الهداية، أما على ظاهر الرواية فيجوز التيمم للكل عند خوف الفوت. ولا فرق في جوازه عند الخوف بين كونه محدثا أو جنبا أو حائضا أو
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست