البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
يجوز، فالحاصل أن تيمم الكافر غير صحيح مطلقا للصلاة والاسلام وعند أبي يوسف صحيح للاسلام لا للصلاة لأنه نوى قربة مقصودة تصح منه في الحال، ولنا أن الكافر ليس بأهل للنية فما يفتقر إليها لا يصح منه، وهذا لأن النية تصير الفعل منتهضا مسببا للثواب ولا فعل يقع من الكافر كذلك حال الكفر، ولذا صححنا وضوءه لعدم افتقاره إلى النية ولم يصححه الشافعي لما افتقر إليها عنده وهي المسألة الثانية.
قوله: (ولا تنقضه ردة) أي لا ينقض التيمم ردة لما بين أن الاسلام عندنا شرط وقوع التيمم صحيحا بين أن الاسلام ليس شرط بقائه على الصحة حتى لو تيمم المسلم ثم ارتد عن الاسلام - والعياذ بالله - ثم أسلم جاز له أن يصلي بذلك التيمم لأن التيمم وقع طهارة صحيحة فلا يبطل بالردة لأن أثرها في إبطال العبادات والتيمم ليس بعبادة عندنا لكنه طهور وهي لا تبطل صفة الطهورية كما لا تبطل الوضوء، واحتمال الحاجة باق لأنه مجبور على الاسلام والثابت بيقين يبقى لو هم الفائدة في أصول الشرع إلا أنه لم ينعقد طهارة مع الكفر لأن جعله طهارة للحاجة والحاجة زائلة للحال بيقين وغير الثابت بيقين لا يثبت لوهم الفائدة لما أن رجاء الاسلام منه على موجب ديانته واعتقاده منقطع والجبر على الاسلام منعدم، فهو الفرق بين الابتداء والبقاء. كذا قرره في البدائع. وتحقيقه أن التيمم نفسه لا ينافيه الكفر وإنما ينافي شرطه وهو النية المشروطة في الابتداء وقد تحققت وتحقق التيمم كذلك، فالصفة الباقية بعده لو اعتبرت كنفسه لا يرفعها الكفر لأن الباقي حينئذ حكما ليس هو النية بل الطهارة.
تنبيه: مقتضى ما ذكروه أن الكافر إذا توضأ أو تيمم لا يكون مسلما به، وكذا قولهم في الاحرام إن الكافر إذا أحرم ثم أسلم فجدد الاحرام يجوز، يقتضي أن لا يكون مسلما بالاحرام لكن محله ما إذا لبى ولم يشهد المناسك، أما إذا لبى وشهد المناسك كلها مع المسلمين فإنه يكون مسلما كما صرح به في المحيط. والأصل أن الكافر متى فعل عبادة فإن كانت موجودة في سائر الأديان فإنه لا يكون به مسلما كالصلاة منفردا والصوم والحج الذي ليس
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست