البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٦
الفرعية عن أدلتها ويصح تعريفه بنفس الأحكام المذكور لما ذكره السيد في حواشيه أن أسماء العلوم كالأصول والفقه والنحو يطلق كل منها تارة بإزاء معلومات مخصوصة كقولنا زيد يعلم النحو أي يعلم تلك المعلومات المعينة، وتارة يإزاء إدراك تلك المعلمات وهكذا في التحرير وعرفه في التقويم يأنه اسم لضرب علم أصيب باستنباط المعنى وضد الفقيه صاحب الظاهر وهو الذي يعمل بظاهر النصوص من غير تأمل في معانيها ولا يرى القياس حجة ا ه‍. وظاهره أن ما كان من الأحكام له دليل صريح ليس من الفقه لأنه لم يصب بالاستنباط وهو بعيد ولذا أطلقوا في قولهم من أدلتها ليشمل القياس وغيره من الدلائل الأربعة وعرفه الإمام الأعظم بأنه معرفة النفس ما لها وما عليها لكنه يتناول الاعتقاديات كوجوب الايمان والوجدانيات أي الأخلاق الباطنة والملكات النفسانية والعمليات كالصلاة والصوم والبيع فمعرفة ما لها وما عليها من الاعتقاديات علم الكلام ومعرفة ما لها وما عليها من الوجدانيات أي الأخلاق والتصوف كالزهد والصبر والرضا وحضور القلب في الصلاة ونحو ذلك ومعرفة ما لها وما عليها من العمليات هي الفقه المصطلح فإن أردت بالفقه هذا المصطلح زدت عملا على قوله ما لها وما عليها وإن أردت علم ما يشتمل عل الأقسام الثلاثة لم تزد وأبو حنيفة رضي الله عنه إنما لم يزد لأنه أراد الشمول أي أطلق العلم على العلم بما لها وما عليها سواء كان من الاعتقاديات أو الوجدانيات أو العمليات ومن ثم سمى الكلام فقها أكبر كذا في التوضيح وذكر العلامة خسرو أن الملكات النفسانية ليس من الفقه لاعتبار ذاتها وأما باعتبار آثارها التابعة لها من أفعال الجوارح فهي من الفقه ا ه‍.
هذا كله معنى الفقه عند الأصوليين وأما معناه الحقيقي له عند أهل الحقيقة فما ذكره الحسن البصري كما نقله أصحاب الفتاوى في باب الطلاق ومنهم الوالوالجي بقوله هل رأيت فقيها قط؟ إنما الفقيه المعرض عن الدنيا الزاهد في الآخرة البصير بعيوب نفسه. وأما معناه عند الفقهاء فذكر صاحب الروض أنه لو وقف على الفقهاء فمن حصل في علم الفقه شيئا وإن قل أو المتفقهة فالمشتغل به ا ه‍. وفي الحاوي القدسي اعلم أن معنى الفقه في اللغة الوقوف والاطلاع وفي الشريعة والوقوف الخاص وهو الوقوف على معاني النصوص
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست