بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٢٩
بالتفريق فيلحقهما الوحشة فكان التفريق اضرارا بهما بالحاق الوحشة وكذا بين الصغيرين لأنهما يأتلفان ويسكن قلب أحدهما بصاحبه فكان التفريق بينهما ايحاشا بهما فكره ولان الصبا من أسباب الرحمة قال عليه الصلاة والسلام من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا وفى التفريق ترك الرحمة فكان مكروها ثم الكلام في كراهة التفريق في مواضع في بيان شرائط الكراهة وفي بيان ما يحصل به التفريق وفي بيان صفة ما يحصل به التفريق انه جائز أم لا (اما) شرائط الكراهة (فمنها) صغر أحدهما وهو أن يكون أحدهما صغيرا أو يكونا صغيرين فإن كانا كبيرين لا يكره التفريق بينهما لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا يجتمع عليهم السبي والتفريق حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية مد عليه الصلاة والسلام النهى عن التفريق إلى غاية البلوغ فدل على اختصاص الكراهة بحالة الصغر وزوالها بعد البلوغ ولان الكراهة معلولة بالاضرار بزوال الاستئناس والشفقة وترك الرحم وكل ذلك يختص بحالة الصغر (ومنها) الرحم وهو القرابة فإن كانا أجنبيين لم يكره التفريق بينهما (ومنها) المحرمية وهو أين يكونا ذوي رحم محرم بأن كان بينهما قرابة محرمة للنكاح فلا يكره التفريق بين ابني العم ونحو ذلك لان القربة المحرمة للنكاح محرمة القطع مفترضة الوصل فكانت منشأ الشفقة والانس بخلاف سائر القرابات وكذا المحرمية بدون الرحم لا تحرم التفريق كحرمة الرضاع والمصاهرة لانعدام معنى الشفقة والانس لعدم دليلهما وهو القرابة (ومنها) أن يكون مالكهما واحدا باي سبب ملكهما بشراء أو هبة أو ميراث أو صدقة أو وصية حتى لو كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك ولده الصغير فلا بأس أن يبيع أحدهما دون الآخر وكذا لو كان له ولدان صغيران أحد المملوكين في ملك أحدهما والآخر في ملك الآخر لا بأس للأب أن يبيع أحدهما لان الكراهة في التفريق أن يكونا في ملك واحد وان لم يجمعهما ملك مالك واحد لا يقع البيع تفريقا لأنهما كانا متفرقين قبل البيع وكذا إذا كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك مكاتبه لأنهما لم يجتمعا في ملك شخص واحد لان المكاتب فيما يرجع إلى الكسب ملحق بالاحرار فاختلف المالك وإن كان أحدهما في ملكه والاخر في ملك عبده المأذون فإن كان عليه دين مستغرق فلا بأس للمولى أن يبيع العبد الذي عنده فأما على أصل أبي حنيفة فظاهر لان المولى لا يملك كسب المأذون المديون فلم يجود بالاجتماع في ملك مالك واحد وعندهما وإن كان يملكه لكنه ملك تعلق به حق الغرماء فكان كالأجنبي عنه فلم يوجد الاجتماع معنى وان لم يكن عليه دين يكره للمولى أن يبيع أحدهما لوجود الاجتماع في ملك شخص واحد ولو كان أحدهما في ملكه والآخر في ملك مضاربه فلا بأس بالتفريق لان مال المضارب وان لم يكن ملك المضارب لكن له حق قوى فيه حتى جاز بيع المضارب من رب المال وبيع رب المال من المضارب استحسانا فكان رب المال بمنزلة الأجنبي فلم يوجد الاجتماع في ملك رجل واحد وعلى هذا يخرج ما إذا باع جارية كبيرة على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام ثم ملك والدها الصغير في مدة الخيار انه يكره ايجاب البيع في الجارية بالإجازة أو بالترك حتى تمضى المدة بل يفسخ البيع حتى لا يحصل التفريق لان خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه فكانت الجارية على ملكه فإذا ملك ولدها الصغير فقد اجتمعا في ملك شخص واحد فكانت الإجارة تفريقا فيكره ولو باع الجارية على أن المشترى بالخيار ثلاثة أيام ثم ملك البائع والدها الصغير في المدة فلا بأس للمشترى أن يجيز البيع أو يفسخ لان الجارية خرجت عن ملك البائع بلا خلاف لان خيار المشترى لا يمنع خروج السلعة عن ملك البائع بلا خلاف بين أصحابنا وإنما الخلاف في دخولها في ملك المشتري فلم يجتمع المملوكان في ملك شخص واحد فلم تكن الإجازة تفريقا ولو كان الخيار للمشترى ولها ابن عند المشترى لا تكره الإجازة بلا اشكال لان الإجازة لا تكون تفريقا بل تكون جمعا (وأما) الفسخ فكذلك لا يكره أيضا (اما) على أصل أبي حنيفة رحمه الله فلا يشكل أيضا لان الجارية لم تدخل في ملك المشتري لان خيار المشترى يمنع دخول السلعة في ملكه على أصله فلم يقع الفسخ تفريقا لانعدام الاجتماع في ملكه (واما) عندهما فالجارية وان دخلت في ملكه لكن الفسخ حقه فالاجبار
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306