بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٢
أسلمت إليك هذا الثوب ولم يعرف ذرعه أو هذا القطيع من الغنم ولم يعرف عدده جاز بالاجماع (وجه) قولهما ان الحاجة إلى تعيين رأس المال وانه حصل بالإشارة إليه فلا حاجة إلى اعلام قدره ولهذا لم يشترط اعلام قدر الثمن في بيع العين ولا في السلم إذا كان رأس المال مما يتعلق العقد بقدره ولأبي حنيفة رحمه الله ان جهالة قدر رأس المال تؤدى إلى جهالة قدر المسلم فيه وانها مفسدة للعقد فيلزم اعلام قدره صيانة للعقد عن الفساد ما أمكن كما إذا أسلم في المكيل بمكيال نفسه بعينه ودلالة انها تؤدى إلى ما قلنا إن الدراهم على ما عليه العادة لا تخلو عن قليل زيف وقد يرد الاستحقاق على بعضها فإذا رد الزائف ولم يستبدل في مجلس الرد ولم يتجوز المستحق ينفسخ السلم في المسلم فيه بقدر المردود والمستحق ويبقى في الباقي وذلك غير معلوم فيصير المسلم فيه مجهول القدر ولهذا لم يصح السلم في المكيلات بقفيز بعينه لأنه يحتمل هلاك القفيز فيصير المسلم فيه مجهول القدر فلم يصح كذا هذا بخلاف بيع العين فان الزيف والاستحقاق هناك لا يؤثر في العقد لان قبض الثمن غير مستحق وبخلاف الثياب والعدديات المتفاوتة لان القدر فيها ملحق بالصفة الا ترى انه لو قال أسلمت إليك هذا الثوب على أنه عشرة أذرع فوجده المسلم إليه أحد عشر سلمت الزيادة له فثبت ان الزيادة فيها تجرى مجرى الصفة واعلام صفة رأس المال ليس بشرط لصحة السلم إذا كان معينا مشارا إليه وعلى هذا الخلاف إذا كان رأس المال جنسا واحدا مما يتعلق العقد على قدره فأسلمه في جنسين مختلفين كالحنطة والشعير أو نوعين مختلفين من جنس واحد كالهروي والمروى ولم يبين حصة كل واحد منهما فالسلم فاسد عند أبي حنيفة وعندهما جائز ولو كان جنسا واحدا مما لا يتعلق العقد على قدره كالثوب والعددي المتفاوت فأسلمه في شيئين مختلفين ولم يبين حصة كل واحد منهما من ثمن رأس المال فالثمن جائز بالاجماع ولو كان رأس المال من جنسين مختلفين أو نوعين مختلفين فأسلمهما في جنس واحد فهو على الاختلاف والكلام في هذه المسألة بناء على الأصل الذي ذكرنا ان كون رأس المال معلوم القدر شرط لصحة السلم عند أبي حنيفة وعندهما ليس بشرط (ووجه) البناء على هذا الأصل ان اعلام القدر لما كان شرطا عنده فإذا كان رأس المال واحدا وقوبل بشيئين مختلفين كان انقسامه عليهما من حيث القيمة لا من حيث الاجزاء وحصة كل واحد منهما من رأس المال لا تعرف الا بالحزر والظن فيبقى قدر حصة كل واحد منهما من رأس المال مجهولا وجهالة قدر رأس المال مفسدة للسلم عنده وعندهما اعلام قدره ليس بشرط فجهالته لا تكون ضارة ولو أسلم عشرة دراهم في ثوبين جنسهما واحد ونوعهما واحد وصفتهما واحدة وطولهما واحد ولم يبين حصة كل واحد منهما من العشرة فالسلم جائز بالاجماع (اما عندهما) فظاهر لان اعلام قدر رأس المال ليس بشرط وأما عنده فلان حصة كل واحد منهما من رأس المال تعرف من غير حزر وظن فكان قدر رأس المال معلوما وصار كما إذا أسلم عشرة دراهم في قفيزي حنطة ولم يبين حصة كل قفيز من رأس المال انه يجوز لما قلنا كذا هذا ولو قبض الثوبين بعد محل الأجل ليس له أن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد له ذلك وله أن يبيعهما جميعا مرابحة على عشرة بالاجماع وكذا لو كان بين حصة كل ثوب خمسة دراهم له أن يبيع أحدهما على خمسة مرابحة بلا خلاف ونذكر دلائل هذه الجملة في مسائل المرابحة إن شاء الله تعالى (ومنها) أن يكون مقبوضا في مجلس السلم لان المسلم فيه دين والافتراق لا عن قبض رأس المال يكون افتراقا عن دين بدين وانه منهى عنه لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ أي النسيئة بالنسيئة ولان مأخذ هذا العقد دليل على هذا الشرط فإنه يسمى سلما وسلفا لغة وشرعا تقول العرب أسلمت وأسلفت بمعنى واحد وفى الحديث من أسلم فليسلم في كيل معلوم وروى من سلف فليسلف في كيل معلوم والسلم ينبئ عن التسليم والسلف ينبئ عن التقدم فيقتضى لزوم تسليم رأس المال ويقدم قبضه على قبض المسلم فيه فان قيل شرط الشئ يسبقه أو يقارنه والقبض يعقب العقد فكيف يكون شرطا فالجواب ان القبض شرط بقاء العقد على الصحة لا شرط الصحة فان العقد ينعقد صحيحا بدون قبض ثم يفسد بالافتراق لا عن قبض وبقاء العقد صحيحا يعقب
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306