بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
(ومنها) أن يكون مقدور التسليم من غير ضرر يلحق البائع فإن لم يمكن تسليمه الا بضرر يلزمه فالبيع فاسد لان الضرر لا يستحق بالعقد ولا يلزم بالتزام العاقد الا ضرر تسليم المعقود عليه فاما ما وراءه فلا وعلى هذا يخرج ما إذا باع جذعا له في سقف أو آجرا له في حائط أو ذراعا في ديباج أو كرباس أنه لا يجوز لأنه لا يمكنه تسليمه الا بالنزع والقطع وفيه ضرر بالبائع والضرر غير مستحق بالعقد فكان هذا على هذا التقدير بيع ما لا يجب تسليمه شرعا فيكون فاسدا فان نزعه البائع أو قطعه وسلمه إلى المشترى قبل أن يفسخ المشترى البيع جاز البيع حتى يجبر المشترى على الاخذ لان المانع من الجواز ضرر البائع بالتسليم فإذا سلم باختياره ورضاه فقد زال المانع فجاز البيع ولزم فرق بين هذا وبين بيع الألية في الشاة الحية والنوى في التمر والزيت في الزيتون والدقيق في الحنطة والبزر في البطيخ ونحوها أنه لا ينعقد أصلا حتى لو سلم لم يجز وقد ذكرنا وجه الفرق فيما تقدم والأصل المحفوظ ان ما لا يمكن تسليمه الا بضرر يرجع إلى قطع اتصال ثابت بأصل الخلقة فبيعه باطل وما لا يمكن تسليمه الا بضرر يرجع إلى قطع اتصال عارض فبيعه فاسد الا ان يقطع باختياره ويسلم فيجوز والقياس على هذا الأصل ان يجوز بيع الصوف على ظهر الغنم لأنه يمكن تسليمه من غير ضرر يلزمه بالجز الا انهم استحسنوا عدم الجواز للنص وهو ما روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان الجز من أصله لا يخلو عن الاضرار بالحيوان وموضع الجز فيما فوق ذلك غير معلوم فتجرى فيه المنازعة فلا يجوز ولو باع حلية سيف فإن كان يتخلص من غير ضرر يجوز وإن كان لا يتخلص الا بضرر فالبيع فاسد الا إذا فصل وسلم وعلى هذا بناء بين رجلين والأرض لغيرهما فباع أحدهما نصيبه من البناء لغير شريكه لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بضرر وهو نقض البناء وكذا زرع بين رجلين أو ثمار بينهما في أرض لهما حق الترك فيها إلى وقت الادراك فباع أحدهما نصيبه قبل الادراك لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بضرر صاحبه لأنه يجبر على القلع للحال وفيه ضرر به ولو باع بعد الادراك جاز لانعدام الضرر وكذا إذا كان الزرع كله لرجل ولم يدرك فباع الزرع لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بقطع الكل وفيه ضرر ولو كان بعد الادراك جاز لانعدام الضرر دار أو أرض بين رجلين مشاع غير مقسوم فباع أحدهما بيتا منها بعينه قبل القسمة أو باع قطعة من الأرض بعينها قبل القسمة لم يجز لا في نصيبه ولا في نصيب صاحبه أما في نصيبه خاصة فظاهر وأما في نصيب صاحبه فلان فيه اضرارا بصاحبه باحداث زيادة شركة ولو باع جميع نصيبه من الدار والأرض جاز لأنه لم يحدث زيادة شركة وإنما قام المشترى مقام البائع ولو باع اللؤلؤة في الصدفة ذكر الكرخي رحمه الله انه لا يجوز لأنه لا يمكن تسليمها الا بشق الصدفة وانه ضرر فيما وراء المعقود فصار كبيع الجذع في السقف وروى عن أبي يوسف انه يجوز لأنه لا يتضرر بشق الصدفة لان الصدف لا ينتفع به الا بالشق ولو باع قفيزا من هذه الصبرة أو عشرة دراهم من هذه النقرة جاز لأنه لا يتضرر بالفصل والتمييز وكذا لو باع القوائم على رؤس الأشجار أو باع الثمار على رؤس الأشجار بشرط القطع أو مطلقا جاز لما قلنا وكذا لو باع بناء الدار دون العرصة أو الأشجار القائمة على الأرض دون الأرض أو الزرع أو البقول القائمة قبل الجذ انه يجوز لأنه يمكنه تسليم هذه الأشياء من غير ضرر والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) الخلو عن الشروط الفاسدة وهي أنواع منها شرط في وجوده غرر نحو ما إذا اشترى ناقة على أنها حامل لان المشروط لا يحتمل الوجود والعدم ولا يمكن الوقوف عليه للحال لان عظم البطن والتحرك يحتمل أن يكون لعارض داء أو غيره فكان في وجوده غرر فيوجب فساد البيع لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وغرر والمنهى عنه فاسد وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رضي الله عنهما ان البيع بهذا الشرط جائز لان كونها حاملا بمنزلة شرط كون العبد كاتبا أو خياطا ونحو ذلك وذا جائر فكذا هذا ولو اشترى جارية على أنها حامل الا رواية فيه عن أصحابنا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز البيع قياسا على البهائم واليه أشار محمد رحمه الله في البيوع فإنه قال لو باع وتبرأ من حملها جاز البيع وليس هذا كالشرط وظاهر قوله وليس هذا كالشرط يشير إلى أن شرط الخيار فيه مفسد وقال بعضهم يجوز لان الحبل في الجواري عيب بدليل أنه لو اشترى
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306