بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٦٩
جارية فوجدها حاملا له أن يردها فكان ذكر الحبل في الجواري ابراء عن هذا العيب بخلاف البهائم لان الحبل فيها زيادة الا ترى أنه لو اشترى بهيمة فوجدها حاملا ليس له حق الرد فكان ذكر الحبل فيها شرطا في وجوده غرر فيفسد البيع وبعضهم فصل فيه تفصيلا فقال إن اشتراها ليتخذها ظئرا فالبيع فاسد لأنه شرط زيادة في وجودها خطر وهي مجهولة أيضا فأشبه اشتراط الحبل في بيع الناقة وان لم يرد بالشراء ذلك جاز البيع لان ذكره يكون ابراء عن هذا العيب على ما بينا ولو اشترى ناقة وهي حامل على أنها تضع حملها إلى شهر أو شهرين فالبيع فاسد لان في وجود هذا الشرط غررا وكذا لو اشترى بقرة على أنها تحلب كذا كذا رطلا لما قلنا ولو اشترى بقرة على أنها حلوبة لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وروى الحسن في المجرد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يجوز وهو قياس روايته في شرط الحبل (ووجهه) ان شرط كونها حلوبة شرط زيادة صفة فأشبه شرط الطبخ والخبز في الجواري وروى ابن سماعة في نوادره عن محمد رحمهما الله أنه لا يجوز وهو اختيار الكرخي رحمه الله (ووجهه) أن هذا شرط زيادة فيجرى في وجودها غرر وهو مجهول وهو اللبن فلا يصلح شرطا في البيع وكونها حلوبة إن كان صفة لها لكنها لا توصف به الا بوجود اللبن وفى وجوده غرر وجهالة على ما ذكرنا فيوجب فساد البيع ولو اشترى بقرة على أنها لبون ذكر الطحاوي أن هذا الشرط لا يفسد البيع والجواب فيه كالجواب في الحلوبة والله سبحانه وتعالى أعلم ولو اشترى قمرية على أنها تصوت أو طيرا على أنه يجئ من مكان بعيد أو كبشا على أنه نطاح أو ديكا على أنه مقاتل فالبيع فاسد عند أبي حنيفة رحمه الله وهو احدى الروايتين عن محمد رحمه الله لأنه شرط فيه غرر والوقوف عليه غير ممكن لأنه لا يحتمل الجبر عليه فصار كشرط الحبل ولأن هذه صفات يتلهى بها عادة والتلهي محظور فكان هذا شرطا محظورا فيوجب فساد البيع وروى عن محمد رحمه الله أنه إذا باع قمرية على أنها تصوت فإذا صوتت جاز البيع لأنها لما صوتت علم أنها مصوتة فلم يتحقق غرر العدم وعلى هذه الرواية قالوا في المحرم إذا قتل قمرية مصوتة أنه يضمن قيمتها مصوتة ولو اشترى جارية على أنها مغنية على سبيل الرغبة فيها فالبيع فاسد لان التغنية صفة محظورة لكونها لهوا فشرطها في البيع يوجب فساده ولو اشترى جارية على أنها مغنية على وجه اظهار العيب جاز البيع لان هذا بيع بشرط البراءة عن هذا العيب فصار كما لو باعها بشرط البراءة عن عيب آخر فان وجدها لا تغنى لا خيار له لان الغناء في الجواري عيب فصار كما لو اشترى على أنه معيب فوجده سيما ولو اشترى كلبا أو فهدا على أنه معلم قال أبو يوسف يجوز البيع وهو احدى الروايتين عن محمد لان هذا شرط يمكن الوقوف عليه بان يأخذ المصيد فيمسكه على صاحبه وذا ليس بشرط محظور لان تعليم الكلب والاصطياد به مباح فأشبه شرط الكتابة في العبد والطبخ في الجارية وروى عن محمد أن البيع فاسد لأنه شرط فيه غرر إذ لا يمكن الوقوف عليه الا بالاصطياد والجبر عليه غير ممكن ولو اشترى بردونا على أنه هملاج فالبيع جائز لأنه شرط يمكن الوقوف عليه بالتسيير فلم يكن في وجوده غرر ولا خطر أيضا وان شئت أفردت لجنس هذا المسائل شرطا على حدة وخرجتها إليه فقلت ومنها أن لا يكون المشروط محظورا فافهم (ومنها) شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة للبائع أو للمشترى أو للمبيع إن كان من بني آدم كالرقيق وليس بملائم للعقد ولا مما جرى به التعامل بين الناس نحو ما إذا باع دارا على أن يسكنها البائع شهرا ثم يسلمها إليه أو أرضا على أن يزرعها سنة أو دابة على أن يركبها شهرا أو ثوبا على أن يلبسه أسبوعا أو على أن يقرضه المشترى قرضا أو على أن يهب له هبة أو يزوج ابنته منه أو يبيع منه كذا ونحو ذلك أو اشترى ثوبا على أن يخيطه البائع قميصا أو حنطة على أن يطحنها أو ثمرة على أن يجذها أو ربطة قائمة على الأرض على أن يجذها أو شيئا له حمل ومؤنة على أن يحمله البائع إلى منزله ونحو ذلك فالبيع في هذا كله فاسد لان زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون ربا لأنها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع وهو تفسير الربا والبيع الذي فيه الربا فاسد أو فيه شبهة الربا وانها مفسدة للبيع كحقيقة الربا على ما نقرره إن شاء الله تعالى وكذا لو باع جارية على أن يدبرها المشترى أو على أن يستولدها فالبيع فاسد لأنه شرط فيه منفعة للمبيع وأنه مفسد وكذا لو باعها بشرط أن يعتقها
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306