بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١١٣
وغير المحرم لا يوصف به فهذا يدل على كونها محرمة في نفسها وقوله عز من قائل إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة الآية فدل على حرمة السكر فحرمت عينها والسكر منها وقال عليه الصلاة والسلام حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب الا أنه رخص شربها عند ضرورة العطش أو لاكراه قدر ما تندفع به الضرورة ولان حرمة قليلها ثبتت بالشرع المحض فاحتمل السقوط بالضرورة كحرمة الميتة ونحو ذلك وكذا لا يجوز الانتفاع بها للمداواة وغيرها لان الله تعالى لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا ويحرم على الرجل أن يسقى الصغير الخمر فإذا سقاه فالاثم عليه دون الصغير لان خطاب التحريم يتناوله (ومنها) انه يكفر مستحلها لان حرمتها ثبتت بدليل مقطوع به وهو نص الكتاب الكريم فكان منكر الحرمة منكر للكتاب (ومنها) انه يحد شاربها قليلا أو كثيرا لاجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ذلك ولو شرب خمر ممزوجا بالماء إن كانت الغلبة للخمر يجب الحد وان غلب الماء عليها حتى زال طعمها وريحها لا يجب لان الغلبة إذا كانت للخمر فقد بقي اسم الخمر ومعناها وإذا كانت الغلبة للماء فقد زال الاسم والمعنى الا أنه يحرم شرب الماء الممزوج بالخمر لما فيه من أجزاء الخمر حقيقة وكذا يحرم شرب الخمر المطبوخ لان الطبخ لا يحل حراما ولو شربها يجب الحد لبقاء الاسم والمعنى بعد الطبخ ولو شرب دردى الخمر لا حد عليه الا إذا سكر لأنه لا يسمى خمرا ومعنى الخمرية فيه ناقص لكونه مخلوطا بغيره فأشبه المنصف وإذا سكر منه يجب حد السكر كما في المنصف ويحرم شربه لما فيه من أجزاء الخمر ومن وجد منه رائحة الخمر أو قاء خمرا لا حد عليه لأنه يحتمل انه شربها مكرها فلا يجب مع الاحتمال ولا حد على أهل الذمة وان سكروا من الخمر لأنها حلال عندهم وعن الحسن بن زياد رحمه الله انهم يحدون إذا سكروا لان السكر حرام في الأديان كلها (ومنها) ان حد شرب الخمر وحد السكر مقدر بثمانين جلدة في الأحرار لاجماع الصحابة رضي الله عنهم وقياسهم على حد القذف حتى قال سيدنا علي رضي الله عنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وحد المفترين ثمانون وبأربعين في العبيد لان الرق منصف للحد كحد القذف والزنا قال الله تعالى جل وعلا فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب (ومنها) انه يحرم على المسلم تمليكها وتملكها بسائر أسباب الملك من البيع والشراء وغير ذلك لان كل ذلك انتفاع بالخمر وانها محرمة الانتفاع على المسلم وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال يا أهل المدينة ان الله تبارك وتعالى قد أنزل تحريم الخمر فمن كتب هذه الآية وعنده شئ منها فلا يشربها ولا يبيعها فسكبوها في طرق المدينة الا أنها تورث لان الملك في الموروث ثبت شرعا من غير صنع العبد فلا يكون ذلك من باب التمليك والتملك والخمر لم تكن متقومة فهي مال عندنا فكانت قابلة للملك في الجملة (ومنها) انه لا يضمن متلفها إذا كانت لمسلم لأنها ليست متقومة في حق المسلم وإن كانت مالا في حقه واتلاف مال غير متقوم لا يوجب الضمان وإن كانت لذمي يضمن عندنا خلافا للشافعي رحمه الله وهي من مسائل الغصب (ومنها) أنها نجسة غليظة حتى لو أصاب ثوبا أكثر من قدر الدرهم يمنع جواز الصلاة لان الله تبارك وتعالى سماها رجسا في كتابه الكريم بقوله رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ولو بل بها الحنطة فغسلت وجففت وطحنت فإن لم يوجد منها طعم الخمر ورائحتها يحل أكله وان وجد لا يحل لان قيام الطعم والرائحة دليل بقاء أجزاء الخمر وزوالها دليل زوالها ولو سقيت بهيمة منها ثم ذبحت فان ذبحت ساعة ما سقيت به تحل من غير كراهة لأنها في أمعائها بعد فتطهر بالغسل وان مضى عليها يوم أن أكثر تحل مع الكراهة لاحتمال أنها تفرقت في العروق والأعصاب (ومنها) إذا تخللت بنفسها يحل شرب الخل بلا خلاف لقوله عليه الصلاة والسلام نعم الادام الخل وإنما يعرف التخلل بالتغير من المرارة إلى الحموضة بحيث لا يبقى فيها مرارة أصلا عند أبي حنيفة رضي الله عنه حتى لو بقي فيها بعض المرارة لا يحل وعند أبي يوسف ومحمد تصير خلا بظهور قليل الحموضة فيها لان من أصل أبي حنيفة رحمه الله ان العصير من ماء العنب لا يصير خمرا الا بعد تكامل معنى الخمرية فيه فكذا الخمر لا يصير خلا الا بعد تكامل معنى الخلية فيه وعندهما يصير خمرا بظهور دليل الخمرية ويصير خلا بظهور دليل الخلية فيه هذا إذا تخللت بنفسها فاما إذا خللها
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306