بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
العشرة معهن لا مخرج النهى والعتاب وإن كانت صيغته صيغة النهى والعتاب وهو كقوله تعالى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات والثاني إن كان ذلك الخطاب عتابا فيحتمل انه إنما عوتب لأنه فعل بلا اذن سبق من الله عز وجل وإن كان ما فعل مباحا في نفسه وهو منع النفس عن تناول الحلال والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعاتبون على أدنى شئ منهم يوجد مما لو كان ذلك من غيرهم لعد من أفضل شمائله كما قال تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم وقوله عبس وتولى ان جاءه الأعمى ونحو ذلك والثاني إن كان هذا تحريم الحلال لكن لم قلت إن كل تحريم حلال من العبد تغيير للشرع بل ذلك نوعان تحريم ما أحله الله تعالى مطلقا وذلك تغيير بل اعتقاده كفر وتحريم ما أحله الله مؤقتا إلى غاية لا يكون تغييرا بل يكون بيان نهاية الحلال ألا ترى ان الطلاق مشروع وإن كان تحريم الحلال لكن لما كان الحل مؤقتا إلى غاية وجود الطلاق لم يكن التطليق من الزوج تغيير للشرع بل كان بيان انتهاء الحل وعلى هذا سائر الأحكام التي تحتمل الارتفاع والسقوط وعلى هذا سبيل النسخ فيما يحتمل التناسخ فكذا قوله لامرأته أنت على حرام وان نوى بقوله أنت على حرام الظهار كان ظهارا عند أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد لا يكون ظهارا (وجه) قوله إن الظهار تشبيه الحلال بالحرام والتشبيه لا بد له من حرف التشبيه ولم يوجد فلا يكون ظهارا ولهما انه وصفها بكونها محرمة والمرأة تارة تكون محرمة بالطلاق وتارة تكون محرمة بالظهار فأي ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله كلامه فيصدق به هذا إذا أضاف التحريم إلى المرأة فأما إذا أضافه إلى الطعام أو الشراب أو اللباس بان قال هذا الطعام على حرام أو هذا الشراب أو هذا اللباس فهو يمين عندنا وعليه الكفارة إذا فعل وقال الشافعي إذا قال ذلك في غير الزوجة والجارية لا يجب شئ وهي مسألة تحريم الحلال انه يمين أم لا وجه قول الشافعي في المسألة الأولى ما ذكرنا في المسألة الأولى (ولنا) قوله عز وجل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قيل نزلت الآية في تحريم العسل وقد سماه الله تعالى يمينا بقوله سبحانه وتعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم فدل ان تحريم غير الزوجة والجارية يمين موجب للكفارة لان تحلة اليمين هي الكفارة فان قيل فقد روى أنها نزلت في تحريم جاريته مارية فالجواب انه لا يمتنع أن تكون الآية الكريمة نزلت فيهما لعدم التنافي ولأنه لو أضاف التحريم إلى الزوجة والجارية لكان يمينا فكذا إذا أضيف إلى غيرهما كان يمينا كلفظ القسم إذا أضيف إلى الزوجة والجارية كان يمينا وإذا أضيف إلى غيرهما كان يمينا أيضا كذا هذا فان فعل كان يمينا مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث وانحلت اليمين لان التحريم المضاف إلى المعين يوجب تحريم كل جزء من أجزاء المعين كتحريم الخمر والخنزير والميتة والدم فإذا تناول شيئا منه فقد فعل المحلوف عليه فيحنث وتنحل اليمين بخلاف ما إذا حلف لا يأكل هذا الطعام فأكل بعضه انه لا يحنث لان الحنث هناك معلق بالشرط وهو أكل كل الطعام والمعلق بشرط لا ينزل عند وجود بعض الشرط ولو قال نسائي علي حرام ولم ينو الطلاق فقرب إحداهن كفر وسقطت اليمين فيهن جميعا لأنه أضاف التحريم إلى جمع فيوجب تحريم كل فرد من أفراد الجمع فصار كل فرد من أفراد الجمع محرما على الانفراد فإذا قرب واحدة منهن فقد فعل ما حرمه على نفسه فيحنث وتلزمه الكفارة وتنحل اليمين وان لم يقرب واحدة منهن حتى مضت أربعة أشهر بن جميعا لان حكم الايلاء لا يثبت في حق كل واحدة منهن على انفرادها والايلاء يوجب البينونة بمضي المدة من غير فئ هذا إذا أضاف التحريم إلى نوع خاص فاما إذا أضافه إلى الأنواع كلها بان قال كل حلال على حرام فإن لم تكن له نية فهو على الطعام والشراب خاصة استحسانا والقياس ان يحنث عقيب كلامه وهو قول زفر وجه القياس ان اللفظ خرج مخرج العموم فيتناول كل حلال وكما فرغ عن يمينه لا يخلو عن نوع حلال يوجد منه فيحنث وجه الاستحسان ان هذا عام لا يمكن العمل بعمومه لأنه لا يمكن حمله على كل مباح من فتح عينه وغض بصره وتنفسه وغيرها من حركاته وسكناته المباحة لأنه لا يمكنه الامتناع عنه والعاقل لا يقصد بيمينه منع نفسه عما لا يمكنه الامتناع عنه فلم يمكن العمل بعموم هذا اللفظ فيحمل على الخصوص وهو الطعام والشراب باعتبار العرف والعادة لان هذا اللفظ مستعمل فيهما في العرف ونظيره
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248