بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
(فصل) وأما النوع الثاني فهو ان يكتب على قرطاس أو لوح أو أرض أو حائط كتابة مستبينة لكن لا على وجه المخاطبة امرأته طالق فيسئل عن نيته فان قال نويت به الطلاق وقع وان قال لم أنو به الطلاق صدق في القضاء لان الكتابة على هذا الوجه بمنزلة الكتابة لان الانسان قد يكتب على هذا الوجه ويريد به الطلاق وقد يكتب لتجويد الخط فلا يحمل على الطلاق الا بالنية وان كتبت كتابة غير مستبينة بان كتب على الماء أو على الهواء فذلك ليس بشئ حتى لا يقع به الطلاق وان نوى لان ما لا تستبين به الحروف لا يسمى كتابة فكان ملحقا بالعدم وان كتب كتابة مرسومة على طريق الخطاب والرسالة مثل ان يكتب أما بعد يا فلانة فأنت طالق أو إذا وصل كتابي إليك فأنت طالق يقع به الطلاق ولو قال ما أردت به الطلاق أصلا لا يصدق الا أن يقول نويت طلاقا من وثاق فيصدق فيما بينه وبين الله عز وجل لان الكتابة المرسومة جارية مجرى الخطاب ألا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبلغ بالخطاب مرة وبالكتاب أخرى وبالرسول ثالثا وكان التبليغ بالكتاب والرسول كالتبليغ بالخطاب فدل ان الكتابة المرسومة بمنزلة الخطاب فصار كأنه خاطبها بالطلاق عند الحضرة فقال لها أنت طالق أو أرسل إليها رسولا بالطلاق عند الغيبة فإذا قال ما أردت به الطلاق فقد أراد صرف الكلام عن ظاهره فلا يصدق ثم إن كتب على الوجه المرسوم ولم يعلقه بشرط بان كتب أما بعد يا فلانة فأنت وقع الطلاق عقيب كتابة لفظ الطلاق بلا فصل لما ذكرنا ان كتابة قوله أنت طالق على طريق المخاطبة بمنزلة التلفظ بها وان علقه بشرط الوصول إليها بان كتب إذا وصل كتابي إليك فأنت طالق لا يقع الطلاق حتى يصل إليها لأنه علق الوقوع بشرط الوصول فلا يقع قبله كما لو علقه بشرط آخر وقالوا فيمن كتب كتابا على وجه الرسالة وكتب إذا وصل كتابي إليك فأنت طالق ثم محا ذكر الطلاق منه وأنفذ الكتاب وقد بقي منه كلام يسمى كتابا ورسالة وقع الطلاق لوجود الشرط وهو وصول الكتاب إليها فان محا ما في الكتاب حتى لم يبق منه كلام يكون رسالة لم يقع الطلاق وان وصل لان الشرط وصول الكتاب ولم يوجد لان ما بقي منه لا يسمى كتابا فلم يوجد الشرط فلا يقع الطلاق والله أعلم هذا الذي ذكرنا بيان الألفاظ التي يقع بها الطلاق في الشرع (فصل) وأما بيان صفة الواقع بها فالواقع بكل واحد من النوعين اللذين ذكرناهما من الصريح والكناية نوعان رجعي وبائن أما الصريح الرجعي فهو أن يكون الطلاق بعد الدخول حقيقة غير مقرون بعوض ولا بعدد الثلاث لا نصا ولا إشارة ولا موصوفا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف ولا مشبه بعدد أو وصف تدل عليها وأما الصريح البائن فبخلافه وهو أن يكون بحروف الإبانة أو بحروف الطلاق لكن قبل الدخول حقيقة أو بعده لكن مقرونا بعدد الثلاث نصا أو إشارة أو موصوفا بصفة تدل عليها إذا عرف هذا فصريح الطلاق قبل الدخول حقيقة يكون بائنا لان الأصل في اللفظ المطلق عن شرط ان يفيد الحكم فيما وضع له للحال والتأخر فيما بعد الدخول إلى وقت انقضاء العدة ثبت شرعا بخلاف الأصل فيقتصر على مورد الشرع فبقي الحكم فيما قبل الدخول على الأصل ولو خلا بها خلوة صحيحة ثم طلقها صريح الطلاق وقال لم أجامعها كان طلاقا بائنا حتى لا يملك مراجعتها وإن كان للخلوة حكم الدخول لأنها ليست بدخول حقيقة فكان هذا طلاقا قبل الدخول حقيقة فكان بائنا وكذلك إذا كان مقرونا بعوض وهو الخلع ببدل والطلاق على مال لأن الخلع بعوض طلاق على مال عندنا على ما نذكر إن شاء الله تعالى والطلاق على مال معاوضة المال بالنفس وقد ملك الزوج أحد العوضين بنفس القبول وهو مالها فتملك هي العوض الآخر وهو نفسها تحقيقا للمعاوضة المطلقة ولا تملك الا بالبائن فكان الواقع بائنا وكذلك إذا كان مقرونا بعدد الثلاث نصابان قال لها أنت طالق ثلاثا لقوله عز وجل فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وكذا إذا أشار إلى عدد الثلاث بان قال لها أنت طالق هكذا يشير بالابهام والسبابة والوسطى وان أشار بإصبع واحدة فهي واحدة يملك الرجعة وان أشار باثنتين فهي اثنتان لان الإشارة متى تعلقت بها العبارة نزلت منزلة الكلام لحصول ما وضع له الكلام بها وهو الاعلام والدليل عليه العرف والشرع أيضا أما العرف فظاهر (وأما) الشرع فقول النبي صلى
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248