المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٨٦
عليهم السلام وقد بينا انهم اكتفوا من الدنيا بما لابد لهم منه خصوصا نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه لما عرض عليه خزائن مفاتيح الأرض ردها وقال أكون عبدا نبيا أجوع يوما وأشبع يوما فإذا جعت صبرت وإذا شبعت شكرت ولكن مع هذا في بعض الأوقات قد كان يتناول بعض الطيبات حتى روى أنه قال يوما ليت لنا خبز بر قد لت بسمن وعسل فنأكله فصنع ذلك عثمان رضي الله عنه وجاء به في قصة فقيل إنه ما تناول من ذلك والصحيح انه تناول بعضه ثم أمر بالتصدق بما بقي منه وقد أهدى له صلى الله عليه وسلم جدي سمين مشوي فأكل منه مع أصحابه رضي الله عنه م وقد تناول مما أتى به من الشاة المسمومة وحين قدم بين يديه الجدي المشوي قال لبعضهم ناولني الذراع فبهذه الآثار تبين أنه كان يتناول في بعض الأوقات لبيان أن ذلك لا بأس به لنا وكان يكتفى بما دون ذلك في عامة الأوقات لبيان أفضل على ما روى أن عائشة رضي الله عنها كانت تبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول يا من لم يلبس الحرير ولم يشبع من خبز الشعير فصار الحاصل أن الاقتصار على أدنى ما يكفيه عزيمة وما زاد على ذلك من النعم والنيل من اللذات رخصة وقال صلى الله عليه وسلم ان الله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه وقال صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة ولم أبعث بالرهبانية الصعبة فعرفنا انه ان ترخص بالإصابة من النعم فليس لأحد أن يؤثمه في ذلك وان زم نفسه وكسر شهوته فذلك أفضل له ويكون من الذين يدخلون الجنة بغير حساب على ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى وعدني أن يدخل سبعين ألفا من أمتي الجنة بغير حساب فقيل من هم يا رسول الله قال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون وفى رواية ثم زادني معهم سبعين ألفا وفى رواية ثم أضعف لي مع الفريق الأول والآخر سبعين ألفا وفى الحديث المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه والي أي محل صرفه فإذا صرف المال إلى ما فيه ابتغاء مرضاة الله تعالى كان الحساب والسؤال أهون عليه منه إذا صرفه إلى شهوات بدنه (قال والذي على المرء أن يتمسك به من الخصال التي يحمد عليها أشياء) منها التحرز عن ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ومنها المحافظة على الفرائض والمداومة على ذلك في أوقاتها ومنها التحرز عن السحت واكتساب المال من غير حله ومنها التحرز عن ظلم كل أحد من مسلم أو معاهد فأما فيما وراء ذلك فقد وسع
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303