المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٨٠
الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم من التابعين رحمهم الله اتفقوا على أن من أفعال العباد ما هو مأمور به أو مندوب إليه وذلك عبادة لهم ومنه ما هو منهى عنه وذلك عليهم ومنه ما هو مباح وما كان مباحا فهو غير موصوف بأنه مأمور به أو مندوب إليه أو منهى عنه فعرفنا أن هنا قسما ثالثا ثابتا بطريق الاجماع وليس ذلك للمرء ولا علي المرء وما كان هذا بين القسمين الآخرين الا لحكمة وهي أن يكون مهملا لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه لان ما يكون له فهو مثاب عليه قال الله تعالى من عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون الآية وقال الله تعالى ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وما يكون عليه فهو معاقب على ذلك قال الله تعالى وان أسأتم فلها أي فعليها وإذا كان في أفعاله وأقواله مالا يثاب عليه ولا يعاقب عرفنا انه مهمل والدليل عليه أن الله تعالى قال لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فالتنصيص على نفى المؤاخذة في يمين اللغو يكون تنصيصا على أنه لا يثاب عليه وإذا ثبت بالنص انه لا يثاب عليه ولا يعاقب عرفنا انه مهمل وقال الله تعالى ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولا اشكال انه لا يثاب علي ما أخطأ به وقد انتفت المؤاخذة بالنص فعرفنا انه مهمل وقال صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي ثلاث الخطأ والنسيان الحديث معناه ان الاثم مرفوع عنهم ولا شك انهم لا يثابون على ذلك فإذا ثبت بهذه النصوص ان مالا ينال به المرء الثواب ولا يكون معاقبا عليه فإنه يكون مهملا لا يوصف بأنه يكون للمرء أو عليه لان ماله خاص بما لا ينتفع به في الآخرة وما عليه خاص فيما يضره تجاه الآخرة وفى أفعاله وأقواله مالا ينفعه ولا يضره في الآخرة فكان ذلك مهملا * ثم اختلف الفقهاء رحمهم الله ان ما يكون مهملا من الأفعال والأقوال هل يكون مكتوبا على العبد أم لا قال بعضهم انه لا يكتب عليه لان الكتابة لا تكون من غير فائدة والفائدة منفعته بذلك في الآخرة أو المعاقبة معه على ذلك فما يكون خارجا عن هذين الوجهين فلا فائدة في كتابته عليه وأكثر الفقهاء رحمهم الله على أن ذلك كله مكتوب عليه قال الله تعالى ونكتب ما قدموا وآثارهم الآية الا انهم قالوا بعد ما يكتب جميع ذلك عليه يبقى في ديوانه ما فيه جزاء وخير أو شر ويمحى من ديوانه ما هو مهمل وبيانه في قوله تعالى انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وفى حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صعد الملكان بكتاب العبد فإن كان أوله وآخره حسنة يمحي ما بين ذلك من السيئات وإن لم يكن ذلك في أوله وآخره يبقي جميع ذلك عليه والذين قالوا يمحى المهل من الكتاب
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303