المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٣٦
به خصوصا إذا تأيد ذلك بنيته ولان الانسان قد يمتنع من اعطاء الدراهم ولا يمتنع من اعطاء الدنانير لماله من المقصود في الصرف والتقييد إذا كان فيه غرض صحيح يجب اعتباره ولو قال لرجل ان أكلت عندك طعاما أبدا فهو كله حرام ينوى بذلك العين فأكله عنده لم يحنث لأنه يجعل الحرام ما أكله وبعد ما أكله لا يتصور أن يجعله حراما وهذا لان وصف الشئ بأنه حرام بطريق انه محل لايقاع الفعل الحرام فيه وذلك لا يتحقق بعد الأكل وتحريم الحلال إنما يكون يمينا إذا صادف محله فاما إذا لم يصادف محله كان لغوا ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول إنه بعد ما أكله حرام (ألا ترى) انه على أي وجه انفصل عنه كان حراما فيقول هو صادف محله في كلامه ولكن هذا ليس بصحيح لأنه كما أن تحريم الحلال يمين فتحريم الحرام يمين حتى إذا قال هذا الخمر على حرام ونوى به اليمين كان يمينا فعرفنا ان الطريق هو الأول وهو ان هذا التحريم لم يصادف محله أصلا ولو حلف لا يذوق طعاما لفلان فأكل طعاما له ولآخر حنث لأنه قد ذاق طعام فلان والطعام المشترك بين اثنين لكل واحد منهما جزء منه والذوق يتم بذلك الجزء كالأكل يتم به ولو حلف لا يأكل طعام فلان فأكل طعاما له ولآخر كان حانثا في يمينه بخلاف ما لو حلف لا يلبس ثوب فلان فلبس ثوبا بينه وبين آخر أو لا يركب دابة فلان فركب دابة بينه وبين آخر لان الجزء الذي هو مملوك لفلان لا يسمى ثوبا ولا دابة وعلى هذا لو حلف لا يأكل لقمة لفلان فأكل طعاما بينه وبين آخر لم يحنث لان كل لقمة مشتركة بينه وبين فلان وإنما جعل شرط حنثه أكل لقمة فلان خاصة ولم يوجد ذلك ولو حلف لا يشرب الشراب ولا نية له بهذا غير الخمر فان شرب غيرها لم يحنث يعني غيرها مما لا يسكر فاما ما يشرب للسكر والتلهي به إذا شرب شيئا منه كان حانثا لان الشراب في الناس إذا أطلق يراد به المسكر والانسان إنما يمنع من ذلك بيمينه للتحرز عن السكر فيتناول مطلق لفظه ما يسكر ويسقط اعتبار حقيقة لفظه بالاتفاق حتى لا يحنث بشرب الماء أو اللبن وهو شراب فالشراب حقيقة ما يشرب ولو حلف لا يزاول حراما فشرب خمرا لم يحنث إلا أن ينويه لان المراد بهذا اللفظ الفجوز عند الاطلاق فينصرف يمينه إليه إلا أن ينوى غيره فالحاصل أن دليل العرف يغلب على حقيقة اللفظ في باب الايمان ولهذا لو حلف لا يشترى بنفسجا ينصرف إلى دهن البنفسج دون الورق والبنفسج للورق حقيقة فعرفنا أن العرف يعتبر في باب الايمان وان مطلق اللفظ يتقيد
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303