المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٥٣
فعند البداءة بالمحاباة يترجح بالسبق وبقوة السبب فقال يبدأ بها وعند البداءة بالعتق يستويان من حيث إن للعتق قوة السبق وقوة الحكم وللمحاباة قوة السبب والمعتبر أولا السبب فان الحكم يبنى على السبب فيتحاصان وسيأتي بيان المسألة في موضعها وعن إبراهيم في رجل يوصى إلى رجل فيموت الموصى إليه فيوصى إلى رجل آخر فان وصيتهما جميعا صحيحة وبه نأخذ فان الموصى بعد موت الموصى قائم مقام الموصى في ولايته في المال وقد كانت ولايته في ماله ومال الموصى الأول فيخلفه وصيه في التصرف في المالين لان بعد قبول الوصية التصرف في مال الموصى الأول من حوائج الوصي كالتصرف في مال نفسه وإنما يقيم الموصى مقامه فيما هو من حاجته وعن إبراهيم في الرجل يوصى لام ولده في حياته وصحته فيموت قال هو ميراث وان أوصي عند موته لها بوصية فهو لها من الثلث والمراد بوصيته لها في صحته الاقرار والهبة لا الوصية المضافة إلى ما بعد الموت لان حالة الصحة وحالة المرض في ذلك سواء وبه نأخذ فنقول الهبة لام الولد والاقرار لها بالدين باطل من المولى لأنها باقية على ملكه وكسبها له بمنزلة القنة فأما وصيته لها مضافة إلى ما بعد الموت فصحيحة لأنها تعتق بالموت ووجوب الوصية يكون بعد الموت فالوصية لها بمنزلة الوصية لجارية أجنبية وعن ابن عمر رضي الله عنه قال إذا أقر الرجل عند موته بدين لوارث فإنه لا يجوز الا ببينة وان أقر لغير وارث بالدين جاز ولو أحاط بجميع ماله وبه نأخذ في الفصلين وقد روى في بعض الروايات مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينا ذلك في الاقرار وعن إبراهيم في المرأة يضربها الطلق قال هي بمنزلة المريض في الوصية والتبرع والطلق اسم لوجع الولادة ويسمى ذلك مخاضا أيضا قال الله تعالى فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ومتى أخذها وجع الولادة فهي بمنزلة المريض لأنها أشرفت على الهلاك إلا أنه قد يأخذها الوجع ثم يسكن فباعتبار ذلك الوجع لا تصير في التبرعات كالمريضة بمنزلة مرض يعقبه برء وإنما تصير كالمريضة إذا أخذها الوجع الذي يكون آخره انفصال الولد عنها من سلامتها به أو موتها لان المعتبر مرض الموت ومرض الموت ما يتصل به ومن أوصى بأكثر من ثلث ماله لم يجز في الفضل على الثلث الا ان يجيزه الورثة بعد موته وهم كبار لان حقهم تعلق بماله بمرضه ولكن الشرع جعل الثلث محلا لوصية الموصى ليتدارك به ما فرط في حياته فما زاد على ذلك إذا أوصى به فقد قصد الاضرار بورثته باسقاط حقهم عما تعلق حقهم به وايثار الأجنبي على من آثره الشرع وهو الوارث فللوارث أن يرد عليه
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست