المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٢٨
وأرش الموضحة نصف عشر بدل النفس ففيما دونه يؤخذ بالقياس وهذا لان الايجاب على العاقلة كان لمعنى دفع الاجحاف عن الجاني وذلك في الكثير دون القليل فلهذا أوجبنا الكثير على العاقلة دون القليل والفاضل بينهما يكون مقدرا وأدنى ذلك أرش الموضحة قال وليس على النساء والذرية ممن كان له عطاء في الديوان عقل لأنه بلغنا عن عمر رضي الله عنه قال لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة وإنما جعل الفضل فيما يؤدى والله أعلم على عشيرة الرجل ولم يجيؤوا على وجه العون لصاحبهم لأنهم أهل يد واحدة ونصرة واحدة على غيرهم وهذه النصرة إنما تقوم بالرجال دون النساء فبنية المرأة لا تصلح لهذه النصرة وكذلك النصرة لا تقوم بالصبيان (ألا ترى) ان الشرع نهى عن قتل النساء والصبيان من أهل الحرب لا نهم يقاتلون لدفع من يقاتلهم وتناصرهم فيما بينهم وذلك لا يحصل بالنساء والصبيان وكذلك الجزية التي خلت عن النصرة لم توجب على النساء والصبيان فكذلك تحمل العقل وعلى هذا لو كانت المرأة هي القاتلة أو الصبي لم يكن عليهما شئ من الدية بخلاف الرجل لان وجوب جزء على القاتل باعتبار انه أحد العواقل وهو لا يوجد في النساء والصبيان ولا ينظر إلى مالهم من فرض العطاء في الديوان لان ذلك ليس باعتبار النصرة بل باعتبار المؤنة كما فرض عمر رضي الله عنه لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم العطاء في الديوان فكان يوصله لهن في كل سنة * وإذا قتل الرجل خطأ فلم يرفع إلى القاضي حتى مضت سنون ثم رفع إليه فإنه يقضي بالدية على عاقلته في ثلاث سنين من يوم يقضي لان ثبوت الاجل يبنى على وجوب المال والمال إنما يجب بقضاء القاضي فاما قبل القضاء فالمال ليس بواجب لان ضمان المتلفات يكون بالمثل بالنص ومثل النفس نفس الا انه إذا رفع إلى القاضي فيتحقق العجز عن استيفاء النفس لما فيه من معنى العقوبة وتحول الحق بقضائه إلى المال كما في ولد المغرور فان قيمته إنما تجب على المغرور بقضاء القاضي وإن كان رد عينه متعذرا قبل القضاء ولكن في الحكم جعل الواجب رد العين إلى أن يحوله القاضي إلى القيمة بقضائه لتحقق العجز عن رد العين ولهذا لو هلك الولد قبل القضاء لم يضمن شيئا واعتبر قيمة الولد يوم القضاء لهذا وهو نظير الاجل في حق العين فإنه لا يعتبر ما مضى من المدة قبل الخصومة وإنما يكون ابتداء التأجيل من وقت قضاء القاضي فكذلك هاهنا ابتداء التأجيل يكون من وقت قضاء القاضي فإن كانوا أهل ديوان قضى بذلك في أعطياتهم فيجعل الثلث في أول عطاء يخرج لهم بعد قضائه وإن لم يكن بين القتل وقضائه وبين خروج
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست