المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٩٦
العبد الحربي المستأمن فإن كان دبره في دار الحرب ثم جنى العبد في دار الاسلام قيل للحربي ادفعه أو افده لان التدبير في دار الحرب باطل بمنزلة الاعتاق فان الحربي إذا أعتق عبده في دار الحرب كان عتقه باطلا وإذا أخرجه إلى دار الاسلام كان له أن يتبعه فكذا إذا دبره في دار الحرب كان له أن يتبعه في دار الاسلام وإن كان بمحل التبع يخاطب مولاه في جنايته بالدفع أو الفداء وإن كان دبره في دار الاسلام فهو بمنزلة مدبر الذمي لان تدبيره في دار الاسلام صحيح كاعتاقه فيتعذر به دفع الرقبة ويلزمه القيمة بجنايته دينا عليه فان دبره في دار الاسلام ثم لحق الحربي بدار الحرب والعبد في دار الاسلام ثم جنى جناية لم يكن على العبد منها شئ لان موجب جناية المدبر القيمة دينا في ذمة مولاه والدين في ذمة الحربي لا تعلق له بمدبره فان رجع الحربي بأمان أو مسلما أو أسلم أهل داره أخذه بقيمته كما يؤخذ بسائر الديون الواجبة عليه فان سبى الحربي فالمدبر حر لان نفسه تبدلت بالسبي من صفة المالكية إلى صفة المملوكية وذلك كموته حكما فيعتق به مدبره لان الحرية حياة والرق تلف ولأنه بالرق خرج من أن يكون أهلا للملك فلا يبقى المدبر على ملكه ولا يحتمل أن النقل إلى غيره فيعتق لهذا والجناية تبطل لأنها كانت دينا عليه والحربي إذا سبي عليه دين يبطل وقد بينا هذا في المأذون وان قتل المولى ولم يسب أو مات فالمدبر وليس عليه شئ من السعاية للمسلمين ولا لورثة الحربي لان حكم الأمان باق في هذا المدبر ولا حرمة لحق ورثته من أهل الحرب فلا يجب على المدبر السعاية لحقهم ولكنه مدبر مات مولاه لا وراث له فيعتق كله من غير سعاية وإذا فقأ الحر عين مدبر أو أم ولد أو مكاتب أو قطع يديه أو أذينة أو رجليه كان عليه نقصان ذلك لان ايجاب جميع القيمة على الجاني غير ممكن هاهنا فان شرط وجوب جميع قيمة الدية دفع الجثة بدليل انه لو كان قنا فغرم الجاني جميع القيمة بهذه الجناية سلمت له الجثة و اتخاذ هذا الشرط متعذر في هؤلاء فيكون الواجب نقصان المالية بمنزلة ما لو جنى على المملوك جناية لها أرش مقدر فإنه يجب نقصان ولو فعل ذلك بعبد بأن فقأ عينه أو قطع بدية كان عليه قيمته كاملة فإذا أخذها المولى دفع إليه الجثة عندنا وقال الشافعي ليس عليه دفع الجثة إلى الجاني ولكن يأخذ منه القيمة ويسلم له الجثة لان القيمة بدل عن الفائت خاصة فان الجناية على المماليك بمنزلة الجناية على الأحرار ولهذا يقدر بدل طرفه بكمال بدل نفسه كما في الحريم الواجب في حق الحر يكون بدلا عن الفائت دون القائم فكذا منه في حق العبد وهذا على أصله مستقيم فإنه يجعل
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست