المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٧
في هذه الحالة والمدفوع كالآلة وإذا نحى رجل شيئا من ذلك عن موضعه فعطب به آخر فالضمان على الذي نحاه وقد خرج الأول من الضمان لان حكم فعله قد انفسخ بفراغ الموضع الذي شغله بما أحدث فيه وإنما شغل بفعل الثاني في موضع آخر فهو كالمحدث لذلك في ذلك الموضع والقاء التراب في الطريق واتخاذ الطين فيه بمنزلة القاء الحجر والخشبة ولو أن رجلا كنس الطريق فعطب بموضع كنسه انسان لم يضمن لأنه لم يحدث في الطريق شيئا إنما كنس الطريق لكيلا يتضرر به المارة ولا يؤذيهم التراب فلا يكون هذا متعديا في هذا السبب ولو رش الطريق أو توضأ في الطريق فعطب بذلك الموضع انسان فهو ضامن لان ما أحدث في الطريق من صب الماء يلحق الضرر بالمارة ويحول بينهم وبين المرور مخافة أن تزل أقدامهم ومنها كله في طريق هو للعامة فإن كان في سكة غير نافذة والذي فعل ذلك من أهل السكة لم يضمن لان ذلك الموضع مشترك بينهم شركة خاصة وقد بينا أن أحد الشركاء إذا أحدث من ذلك في الملك المشترك لم يكن ضامنا وإذا أشرع الرجل جناحا إلى الطريق ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله فالضمان على البائع لأنه كان جانيا بوضع الجناح فان سواء الطريق كرقية الطريق فمن أحدث فيه شيئا يكون جانيا وبالبيع لم ينسخ حكم فعله لأنه لم ينزع الموضع الذي شغله بما أحدثه فبقي ضامنا على حاله (الا ترى) انه ولو وضع الجناح في غير ملكه كان ضامنا لما تلف به فلما كان عدم الملك لا يمنع انعقاد سبب الضمان فكذلك لا يمنع بقاءه ولا شئ على المشترى لأنه ما أحدث في الطريق شيئا وكذلك الميزاب فان سقط الميزاب يصرفان فان أصاب ما كان منه في الحائط رجلا فقتله فلا ضمان فيه علي أحد لأنه إنما وضع ذلك الطرف من الميزاب في ملكه واحداث شئ في ملكه لا يكون تعديا وان أصابه ما كان خارجا منه من الحائط فالضمان على الذي وضعه لأنه متعد في ذلك الطرف فإنه شغل به هواء الطريق فإن لم يعلم أيهما اصابه ففي القياس لا شئ عليه لأنه إن كان أصابه الطرف الداخل لم يضمن شيئا وان أصابه الطرف الخارج فهو ضامن والضمان بالشك لا يجب لان فراغ ذمته ثابت يقينا وفى الاشغال شك وفي الاستحسان هو ضامن للنصف لأنه في حال هو ضامن للكل وفي حال لا شئ عليه فيتوزع الضمان على الأحوال ليتحقق به معنى النظر من الجانبين وإذا استأجر رب الدار الفعلة لاخراج الجناح أو الظلة فوقع فقتل انسانا فان سقط من عملهم قبل أن يفرغوا منه فالضمان عليهم دون رب الدار لأنه إنما سقط لتقصيرهم في الامساك فكأنهم ألقوا ذلك
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست