المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤٧
تعالى لا ينهاكم الله إلى قوله ان تبروهم وتقسطوا إليهم وان أراد بهذا بيان الفرق بين الوصية والميراث فان الإرث لا يجرى مع اختلاف الدين لان الإرث طريقه طريق الولاية والخلافة على معنى أنه يبقى للوارث المال الذي كان للمورث واختلاف الدين يقطع الولاية فاما الوصية فتمليك بعقد مبتدأ ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى بخلاف الوارث وعن إبراهيم في الرجل يستأذن ورثته في الوصية فيأذنون له ثم يرجعون بعد موته قال لهم ذلك أن شاؤوا رجعوا وبه نأخذ فان الإجازة من الورثة معتبرة في الوصية بما زاد على الثلث أو في الوصية للوارث وإنما تعتبر اجازتهم بعد موت الموصى فأما في حياته فلا تعتبر لان الإجازة اما أن تكون بمنزلة التمليك منهم أو بمنزلة اسقاط الحق وإنما ثبت ذلك كله لهم بعد موت الموصى فتمليكهم قبل أن يملكوا أو اسقاطهم لحقهم قبل أن يتقرر وجوب الحق لهم يكون لغوا ثم اجازتهم في حالة الحياة لا تكون دليل الرضى منهم بهذا بل الظاهر أنهم كارهون له إلا أنهم احتشموا المورث فلم يجاهروه بالاباء فلو لزمهم حكم الإجازة في حالة الحياة تضرروا بخلاف ما بعد الموت فإجازتهم بعد الموت دليل الرضى منهم وعن إبراهيم في رجل أوصى لغير وارث بدين أو أقر به قال هو جائز ولو أحاط بماله ومراده الاقرار بالدين لا الوصية وإنما سماه وصية لذكره إياه فيما بين الوصايا وفي موضع الوصية وبهذا نأخذ فنقول الاقرار لغير الوارث بالدين صحيح وان أحاط بماله وهو مروى عن ابن عمر رضي الله عنه وقد روى مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيناه في كتاب الاقرار وعن الشعبي انه سئل عن رجل له ثلاث بنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم قال له الربع وبه نأخذ لان مثل الشئ غيره فهو جعل نصيب أحد البنين معيارا لما أوجب الوصية فيه وجعل وصيته بمثل ذلك فاما أن يقال يصير الموصى له بالايجاب كابن آخر له مع البنين الثلاثة فله الربع أو يقال ينظر في نصيب أحد البنين فيزاد على أصل السهام مثل ذلك الموصى له والمال بين البنين الثلاثة على ثلاثة أسهم لكل واحد منهم سهم فإذا زدنا للموصى له سهما على الثلاثة كانت السهام أربعة ثم نعطيه ذلك السهم فيكون له الربع ولا يجوز له أن يعطى الثلث بهذا الايجاب لان ذلك حينئذ ينفذ الوصية له في نصيب أحد البنين لا في مثل نصيب أحدهم وهو إنما أوصى له بمثل نصيب أحدهم وعن إبراهيم والشعبي قالا في رجل أوصى لرجلين بالنصف والثلث فردوا إلى الثلث أن الثلث بينهم على خمسة أسهم لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست