المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٢١
البادي ثم يرجع مولى البادئ بأرش جراحة عبده في عتق العبد الباقي فيدفع بها أو يفدي لأنه قد وصل إلى مولى العبد الباقي كمال حقه وان دفع مولى القاتل عبده قام المدفوع مقام المقتول وقد بينا ان المقتول لو كان الباقي كان يخير مولاه أولا فان دفعه لم يكن له على المولى المدفوع إليه من أرش جراحة عبده وشئ وان فداه رجع في عنق صاحبه بأرش جراحة عبده فكذا هنا ولو كان العبد الثالث قتل الاخر منهما فدفعه مولاه قام المدفوع مقام المقتول فان فداه بقيمته خير مولى البادي بين الدفع والفداء فان دفعه إليه شئ له على مولى المقتول ولا في قيمته لان عند اختياره الدفع يكون حق مولى المقتول ثابتا في أرش الجناية على العبد البادي فلا يفيد رجوع مولاه عليه شيئا لان ما قبضه منه يلزمه رده عليه وان فداه فقد طهر عبده من الجناية وقد فات المقتول وأخلف قيمة فيرجع في تلك القيمة بأرش جراحة عبده وان مات العبد القاتل خير مولى العبد البادئ فإن شاء دفع أرش شجة المقتول وان شاء دفع نفسه وأيهما فعل فقد بطل حقه لان حقه كان في المقتول مشجوجا وقد فات ولم يخلف عوضا لان عوضه كان العبد القاتل وقد فات وصار كأن لم يكن مات البادئ بالضربة من شئ آخر وبقي الاخر فان مولى البادئ بالخيار ان شاء دفع إلى مولى الثاني أرش جناية عبده ويتبع عبده بأرش جناية عبده لان بالفداء طهر عبده عن الجناية وقد جنى العبد الاخر على عبده فيتبعه بأرش ذلك ويخير مولى العبد بين أن يدفع بذلك أو يفديه وان أبى أن يدفع الأرش فلا شئ له في عنق العبد الحي لما بينا أنه كان هو المخاطب ابتداء لبداءة عبده بالجناية وشرط وجوب الجناية بوجه الخطاب له على مولى الباقي أن يدفع أرش جناية عبده عليه فإذا انعدم هذا الشرط بابائه لم يكن له أن يرجع عليه بشئ كما قال أبو حنيفة رحمه الله في مولى المفقوءة عيناه إذا دفع الشجة لم يكن له أن يرجع على الباقي بشئ * ولو أن عبدين التقيا ومع كل واحد منهما عصا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة وأحدهما بدأ بالضربة وهو معلوم فمات الضارب الأول منهما من ضربة صاحبه وبرأ الاخر فمولى العبد الميت بالخيار ان شاء دفع أرش جناية الحي فكانت قيمة عبده في عنق الحي وخير مولاه بين أن يدفعه أو يفديه لأنه بالفداء طهر عبده وان شاء قتل العبد الباقي ويخير مولاه بين الدفع والفداء ولا يتعلق حقه بذلك لان العبد الباقي إنما قتل الضارب الأول وهو مشجوج وان أبى مولى الميت أن يدفع أرش جناية الحي فلا شئ له في عنق الحي لتفويته شرطه كما بينا ولو كانا برئا من الموضحتين ثم إن
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست