المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٢
عشرة أذرع لان ظاهر اللفظ يجمع الجوانب الأربع والأصح ان المراد التقدير بأربعين ذراعا من كل جانب لان المقصود دفع الضرر عن صاحب البئر الأول لكيلا يحفر أحد في حريمه بئرا أخرى فيتحول إليها ما ببئره وهذا الضرر ربما لا يندفع بعشرة أذرع من كل جانب فان الأراضي تختلف بالصلابة والرخاوة وفى مقدار أربعين ذراعا من كل جانب يتيقن بدفع هذا الضرر ويستوى في مقدار الحريم بئر العطن وبئر الناضح عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما حريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح سبعون ذراعا واستدلا بحديث الزهري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا ولان استحقاق الحريم باعتبار الحاجة وحاجة صاحب البئر الناضح إلى الحريم أكثر لأنه يحتاج إلى موضع يسير فيه الناضح ليستقى فيه الماء من البئر بذلك وفى بئر العطن إنما يستقى بيده فلا يحتاج إلى هذا الموضع واستحقاق الحريم بقدر الحاجة (ألا ترى) أن صاحب العين يستحق من الحريم أكثر مما يستحق صاحب البئر لان ماء العين يفيض على الأرض ويحتاج صاحبه إلى اتخاذ المزارع حول ذلك لينتفع بما يفيض من الماء والى أن ينبنى غديرا يجتمع فيه الماء فاستحق لذلك زيادة الحريم واستدل أبو حنيفة رحمه الله بالحديث الأول فإنه عليه الصلاة والسلام قال من حفر بئرا فله ما حولها أربعون ذراعا وليس فيه فصل بين بئر العطن والناضح ومن أصله أن العام المتفق علي قبوله والعمل به يترجح على الخاص المختلف في قبوله والعمل به ولهذا رجح قوله عليه الصلاة والسلام ما أخرجت الأرض ففيه العشر على قوله عليه الصلاة والسلام ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وعلى قوله عليه الصلاة والسلام ليس في الخضراوات صدقة ورجح أصحابنا رحمهم الله قوله عليه الصلاة والسلام التمر بالتمر مثلا بمثل على خبر العرايا ولان استحقاق الحريم حكم ثبت بالنص بخلاف القياس لان الاستحقاق باعتبار عمله وعمله في موضع البئر خاصة فكان ينبغي أن لا يستحق شيئا من الحريم ولكنا تركنا القياس بالنص فبقدر ما أنفق عليه الآثار ثبت الاستحقاق وما زاد على ذلك مما اختلف فيه الأثر لا يثبت استحقاقه بالشك هذا أصل أبي حنيفة رحمه الله في مسائل الحريم ولهذا لم يجعل للنهر حريما وكذلك في غير هذا الموضع فإنه قال لا يستحق الغازي لفرسه الا سهما واحدا لان استحقاقه ثبت بخلاف القياس بالنص فلا يثبت الا القدر المتيقن به فأما حريم العين خمسمائة ذراع كما ورد به الحديث لان الآثار اتفقت عليه
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195