المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٤
فيه ويجرى إلى الموضع الذي ينتفع به الناس فقوله إذا بلغ الوادي الكعبين ليس بتقدير لازم بالكعبين بل الإشارة إلى كثرة الماء لان في موضع الوادي سعة فذا بلغ الماء فيه هذه المقدار فهو كثير يتوصل كل واحد منهم إلى الانتفاع به بقدر حاجته عادة فإذا أراد أهل الأعلى أن يحبسوه عن أهل الأسفل فإنما قصدوا بذلك الا ضررا باهل الأسفل فكانوا متعنتين في ذلك لا منتفعين بالماء وإذا كان الماء دون ذلك فربما لا يفضل عن حاجة أهل الأعلى فهم منتفعون بهذا الحبس والماء الذي ينحدر من الجبل إلى الوادي على أصل الإباحة فمن يسبق إليه فهو أحق بالانتفاع به بمنزلة النزول في الموضع المباح كل من سبق إلى موضع فهو أحق به ولكن ليس له أن يتعنت ويقصد الاضرار بالغير في منعه عما وراء موضع الحاجة فعند قلة الماء بدئ أهل الأعلى أسبق إلى الماء فلهم ان يحبسوه عن أهل الأسفل به قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام رضى الله في حادثة معروفة وعند كثرة الماء يتم انتفاع صاحب الأعلى من غير حبس فليس له أن يتعنت بحبسه عن أهل الأسفل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار وفى الروايات الناس شركاء في ثلاث وهذا أعم من الأول ففيه اثبات الشركة للناس كافة المسلمين والكفار في هذه الأشياء الثلاثة وهو كذلك وتفسير هذه الشركة في المياه التي تجرى في الأودية والأنهار العظام كجيحون وسيحون وفرات ودجلة ونيل فان الانتفاع بها بمنزلة الانتفاع بالشمس والهواء ويستوى في ذلك المسلمون وغيرهم وليس لاحد أن يمنع أحدا من ذلك وهو بمنزلة الانتفاع بالطرق العامة من حيث التطرق فيها ومرادهم من لفظة الشركة بين الناس بيان أصل الإباحة والمساواة بين الناس في الانتفاع لا انه مملوك لهم فالماء في هذه الأودية ليس بملك لاحد فأما ما يجري في نهر خاص لأهل قرية ففيه نوع شركة لغيرهم وهو حق السعة من حيث الشرب وسقى الدواب فإنهم لا يمنعون أحدا من ذلك ولكن هذه الشركة أخص من الأول فليس لغير أهل القرية أن يسقوا نخيلهم وزروعهم من هذا النهر وكذلك الماء في البئر فيه لغير صاحب البئر شركة لهذا القدر وهو السعة وكذلك الحوض فان من جمع الماء في حوضه وكرمه فهو أخص بذلك الماء مع بقاء حق السقي فيه للناس حتى إذا أخذ انسان من حوضه ماء للشرب فليس له أن يسترده منه وإذا أتى إلى باب كرمه ليأخذ الماء من حوضه للشرب فله أن يمنعه من أن يدخل كرمه لان هذا ملك خاص له ولكن إن كان يجد الماء قريبا
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195