المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٩
وللفقهاء في معنى مثل هذه الألفاظ طريقين أحدهما الحمل على حقيقته انه يطوق ذلك الموضع في القيامة ليعرف به ما فعله ويكون ذلك عقوبة له كما قال عليه الصلاة والسلام لكل غادر لواء يوم القيامة يركز عند باب استه تعرف به غدرته والمراد به بيان شدة العقوبة لا حقيقة ما ذكر من أنه يطوق ذلك الموضع من الأرض يوم القيامة فقد قال الله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا الماء مخافة الكلأ يريد به أن صاحب البئر إذا كان له مرعي حول بئره فلا ينبغي له أن يمنع من يستقى الماء من بئره لنفسه أو لظهوره مخافة أن يصيب ظهره من ذلك الكلأ لان له في حق الشقة في ماء البئر فلا يمنعه حقه ولكن يحفظ جانب أرضه وما فيه من الكلأ حتى لا يدخل دابة المستقي في ذلك الموضع وان شق عليه ذلك أخرج إليه من الماء مقدار حاجته وحاجة ظهره وعن نافع رفع حديثه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا أحدا ماء ولا كلا ولا نارا فإنه متاع للمقوين وقوة للمستعينين والمقوي هو الذي فنى زاده والمستعين هو المضطر المحتاج وقد بينا أن صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام أثبت بين الناس في هذه الأشياء الثلاثة شركة عامة بطريق الإباحة فلا ينبغي لاحد أن يمنع أحدا مما جعله الشرع حقا له وإذا كان لرجل نهر أو بئر أو قناة فليس له أن يمنع ابن السبيل أن يسقى منها فيشرب ويسقى دابته وبعيره وشياهه فان ذلك من الشقة والشقة عندنا الشرب لبنى آدم والبهائم وهذا لان الحاجة إلى الماء تتجدد في كل وقت ومن سافر لا يمكنه أن يستحصب الماء من وطنه لذهابه ورجوعه فيحتاج إلى أخذ الماء من الابار والأنهار التي تكون على طريقه وفي المنع من ذلك حرج وكما يحتاج إلى ذلك لنفسه فكذلك يحتاج إليه لظهره لأنه في العادة يعجز عن السفر بغير مركب وكذلك يحتاج إلي ذلك للطبخ والخبز وغسل الثياب وأحد لا يمنع أحدا من ذلك فإن كان له جدول يجرى فيه الماء إلي أرضه وبجنب ذلك الموضع صاحب ماشية إذا شربت الماشية منها انقطع الماء لكثرة المواشي وقلة ماء الجدول فقد اختلف المتأخرون رحمهم الله في هذا الفصل منهم من يقول هذا من الشقة وليس لصاحب الجدول ان يمنع ذلك وأكثرهم على أن له أن يمنع في مثل هذه الصورة لان الشقة ما لا يضر بصاحب النهر والبئر فاما ما يضر به ويقطع حقه فله أن يمنع ذلك اعتبارا بسقي الأراضي والنخيل والشجر والزرع فله أن يمنع من يريد سقي نخله وشجره وزرعه من نهره أو قناته أو بئره
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195