المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ٦٠
مقام ورثة الصبي حين ضمنوا لهم ديته وهذا لان القاتل مباشر والمتسبب يرجع بما يلحقه من الضمان على المباشر لأنه هو الذي قرر عليه ذلك بمباشرته فكأنه ألزمه إياه ابتداء ثم يسلم لورثة الصبي حصته من الربح لان الصبي الحر لا يملك بضمان الدية ولان عاقلة رب المال إنما غرموا الدية بهلاك الصبي في عمله لرب المال لا لاستعمال رب المال إياه (ألا ترى) أن الصبي لو مات ولم يقتل كان رب المال بريئا من دينه فلهذا يسلم حصته من الربح لورثته وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة فمات أحدهما فقال الباقي منهما قد هلك المال فهو مصدق في نصف المال مع ولا ضمان عليه في شئ من المال لأنه مؤتمن فيما كان في يده فالقول قوله إذا أخبر بهلاكه مع يمينه وأما الميت فان نصف مال المضاربة دين في ماله لان نصف المال كان أمانة في يده وقد مات مجهلا والأمين بالتجهيل ضامن لأنه عند الموت يصير متملكا فيكون ضامنا وإذا دفع المسلم إلى النصراني مالا مضاربة بالنصف فهو جائز لان المضاربة من المعاملات وأهل الذمة في ذلك كالمسلمين إلا أنه مكروه لأنه جاهل بشرائع الاسلام فلا نأمن أن يؤكله حراما اما لجهله أو لقصده فإنهم لا يؤدون الأمانة في حق المسلمين قال الله تعالى لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا أي لا يقصرون في افساد أمر دينكم ولأنه يتصرف في الخمر والخنزير ويعمل بالربا ولا يتحرز في ذلك فيكره للمسلم أن يكتسب الربح بتصرف مثله له ولكن مع هذا جازت المضاربة لان الذي من جانب المضارب البيع والشراء والنصراني من أهل ذلك فان اتجر في الخمر والخنزير فربح جاز على المضاربة في قول أبي حنيفة رحمه الله وينبغي للمسلم أن يتصدق بحصته من الربح وعندهما تصرفه في الخمر والخنزير لا يجوز على المضاربة وهو فرع الاختلاف الذي بينا في البيوع في المسلم يوكل الذمي بشراء الخمر والخنزير فان اشترى ميتة فنقد فيها مال المضاربة فهو مخالف ضامن عندهم جميعا لأنه اشترى مالا يمكنه أن يبيعه وان تصرفهم في الميتة لا يكون نافذا والمضارب لا يشترى بمال المضاربة مالا يمكنه أن يبيعه وان أربى فاشترى درهمين بدرهم كان البيع فاسدا لأنهم يمنعون من المعاملة بالربا لأنفسهم كما يمنعه المسلم منه ولكن لا يصير ضامنا لمال المضاربة والربح بينهما على الشرط لما بينا أن المضارب لا يصير مخالفا بافساد العقد إذا كان هو يتمكن من بيع ما اشتراه والمشترى شراء فاسدا يملك بالقبض فينفذ البيع فيه ولا بأس بان يأخذ المسلم مال النصراني مضاربة ولا يكره له ذلك لان الذي يلي التصرف في المال هنا المسلم وهو
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185