المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ٦٣
المضاربة في طريقه وفى المصر الذي يأتيه لأجل العادة وهذا لان خروجه وسفره لأجل مال المضاربة والانسان لا يتحمل هذه المشقة ثم ينفق من مال نفسه لأجل ربح موهوم عسى يحصل وعسى لا يحصل بل إنما رضى بتحمل هذه المشقة باعتبار منفعة تحصل له وليس ذلك الا بالانفاق من ماله الذي في يده فيما يرجع إلى كفايته بخلاف الوكيل والمستبضع فإنه متبرع في عمله لغيره غير طامع في شئ من ماله لأجله وبخلاف الأجير لأنه عامل له ببدل مضمون في ذمة المستأجر وذلك يحصل له بيقين فاما هذا فغير متبرع ولا هو مستوجب بدلا مضمونا بل حقه في ربح عسى يحصل وعسى لا يحصل فلا بد من أن يحصل له بإزاء ما تحمل من المشقة شئ معلوم وذلك نفقته في المال وهو بمنزلة الشريك والشريك إذا سافر بمال الشركة فنفقته في ذلك المال وهو مروى عن محمد رحمه الله فالمضارب كذلك وهذا لأنه فرغ نفسه عن اشغاله لأجل مال المضاربة فهو كالمرأة إذا فرغت نفسها لزوجها بالمقام في بيته فاما في المصر فما فرغ نفسه لمال المضاربة فلا يستوجب نفقته فيه ونفقته طعامه وكسوته ودهنه وغسل ثيابه وركوبه في سفره إلى المصر الذي أتاه بالمعروف على قدر نفقة مثله لان هذا كله مما لا بد منه في السفر وفى النوادر عن أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله ان دهنه ليس من جملة النفقة وكأنهما أرادا به في الموضع الذي لا يحتاج فيه إلى استعمال الدهن عادة فتكون الحاجة إليه نادرة والثابت عرفا لا يثبت فيما هو نادر ومراد محمد رحمه الله إذا سافر إلى المواضع التي يحتاج فيها إلى استعمال الدهن عادة وذلك في ديار الحجاز والعراق ثم المستحق نفح نفقة المثل وهو المعروف كما في نفقة الزوجة فان أنفق أكثر من ذلك حسب له من ذلك نفقة مثله وكان ما بقي عليه في ماله فإذا رجع إلى مثله وقد بقي معه ثياب أو طعام أو غيره رده في مال المضاربة لان استحقاقه قد انتهى برجوعه إلى مصره فعليه رد ما بقي كالحاج عن الغير إذا بقي معه شئ من النفقة بعد رجوعه وكالمولى إذا بوأ أمته مع زوجها بيتا ثم شغلها بخدمته وقد بقي معها شئ من النفقة كان للزوج أن يسترد ذلك منها فاما الدواء والحجامة والكحل ونحو ذلك ففي ماله خاصة دون مال المضاربة وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله ان ذلك كله في مال المضاربة لان مال المضاربة مدة سفره في حاجته كمال نفسه فكما أنه يصرف مال نفسه في هذه الأشياء كما يصرف في النفقة فكذلك مال المضاربة * وجه ظاهر الرواية انه إنما يستوجب النفقة في مال المضاربة وثمن الدواء وأجرة الحجام وما يحتاج إليه من العلاج ليس من النفقة
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185