المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٤١
دفع إلى رجل ألف درهم فقال تصدق بها أو اقضها فلانا عنى ثم ارتد الآمر ولحق بالدار فقال الوكيل فعلت ذلك في اسلامه فالقول قوله لأنه أمين مسلط أخبر بما سلط عليه فيوجب قبول قوله إذا لم يكن كذبه ظاهرا وان أقاموا البينة فالبينة بينته أيضا لأنه يثبت سبق التاريخ في تصرفه ببينته وكذلك لو وكله ببيع عبد بعينه فقال قد بعته في اسلامه ودفعت إليه الثمن فإن كان مستهلكا فالقول قوله والبينة ببينته لما بينا وإن كان العبد قائما بعينه لم يصدق الوكيل لأنه يخبر بزوال ملك الورثة عنه بتصرف لا يملك انشاءه في الحال وكذلك هذا كله في المرتدة اللاحقة بالدار لان بعد اللحوق حال الرجل والمرأة فيه سواء قال وإن كان الموكل قد عاد مسلما من دار الحرب ثم اختلف هو والوكيل فالقول فيه مثل الأول كاختلاف الوكيل مع الورثة لما قلنا قال ولو وكله أن يزوجه امرأة بعينها ثم ارتد الآمر ولحق بالدار فقال الوكيل زوجته في اسلامه وكذبه الورثة والموكل بعد جاء مسلما فإنه لا يقبل قول الوكيل أو المرأة لان الوكيل يخبر بما لا يملك استئنافه فقد انعزل بردة الآمر ولم يعد وكيلا بعد ما جاء مسلما وليس في كلامه نفى ضمان عن نفسه بل فيه ايجاب الحق لها في تركته أو في ذمته إذا جاء مسلما وان أقاموا البينة فالبينة بينة المرأة لأنها تثبت الحق لنفسها ببينتها ونثبت سبق التاريخ والورثة ينفون ذلك وإن لم يكن بينهما بينة يستحلف الورثة على علمهم لأنهم لو أقروا بما ادعت لزمهم فان قضى القاضي لهم بالميراث بعد ما حلفوا ثم رجع المرتد مسلما فأرادت المرأة أن تستحلفه أيضا فلها ذلك لأنها تدعى الصداق دينا في ذمته واستحلاف الورثة لا يسقط اليمين عنه لأنهم ما كانوا نائبين عنه فالنيابة في الايمان لا تجرى قال وتوكيل المرتدة بالتصرفات التي تملك مباشرتها بنفسها صحيحة سواء وكلت بذلك مرتدة مثلها أو مسلما وكذلك أن كان التوكيل قبل ردتها يبقى بعد الردة لأنها تبقى مالكة للتصرف بنفسها الا ان توكل بتزويجها وهي مرتدة فان ذلك باطل لأنها لا تملك ان تتزوج بنفسها فلا يصح توكيلها بذلك حتى لو زوجها الوكيل في حال ردتها لم يجز وإن لم يزوجها حتى أسلمت ثم زوجها جاز لان التوكيل كالمضاف إلى ما بعد اسلامها بمنزلة المعتدة أو المنكوحة إذا وكلت انسانا بأن يزوجها وهذا بخلاف ما إذا كان التوكيل في اسلامها ثم ارتدت ثم أسلمت فزوجها لم يجز لان ارتدادها اخراج من الوكالة فإنها حين كانت مالكة للعقد وقت التوكيل نثبت الوكالة في الحال ثم بردتها تخرج من أن تكون مالكة للعقد فيكون ذلك عزلا منها لوكيلها فبعد ما انعزل
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست