المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٣٦
الأرض فلهذا كان صحيحا قال وإذا وكله أن يدفعها مزارعة فدفعها إلي رجل وزرعها رطبة أو شيئا من الحبوب كان هذا جائزا لان هذا كله من عمل المزارعة والضرر على الأرض فيه غير متفاوت فان دفعها إلى رجل يغرس فيها شجرا لم يجز لان الغراسة ليست من المزارعة في شئ والضرر على الأرض في عمل الغراسة ليس من جنس ضرر عمل المزارعة فلهذا كان مخالفا ثم فرق بين هذا وبين ما إذا أخذ الأرض مزارعة ولم يبين الآمر ما يزرع فيها لم يجز والتوكيل بدفعها مزارعة يجوز في هذا لان الوكالة مبنية على التوسع وتسمية البدل في الوكالة ليس بشرط والجهالة المستدركة لا تمنع صحتها بخلاف المزارعة فإنها تتعلق بها صفة اللزوم على قول من يجيزها فلا بد أن يكون البدل معلوما فيها وإنما يصير الجنس معلوما ببيان ما يزرع فيها قال ولو وكله بدفعها لمن يغرس فيها النخل بالنصف فدفعها له لم يجز قال ولو وكله في أرض له ليدفعها إلى رجل يبني فيها بيوتا ويؤاجرها بالنصف ويكون الاجر بينهما نصفين فهو جائز في قول من يجيز المعاملة وليس هذا مذهب علمائنا رحمهم الله بل هو قول أهل المدينة رحمهم الله (بيانه في مسألة الدسكرة في كتاب المضاربة) قال ولو وكل رجل رجلا بأن يستأجر له أرضا فاستأجرها فالاجر إنما يجب لرب الأرض على الوكيل وللوكيل على الامر بمنزلة التوكيل بالشراء حتى لو وهب رب الأرض الاجر من المستأجر أو أبرأه منه كان للمستأجر أن يأخذ ممن وهبها له ولو أراد المستأجر أن يأخذ من الامر الاجر قبل أن يؤديه كان له ذلك كما في الوكيل بالشراء وكذلك لا سبيل لرب الأرض على الآمر له في المطالبة بالأجر لأنه لم يعامله بشئ قال ولو مات المستأجر كان ينبغي في القياس ان الإجارة له لأنه في حكم العقد بمنزلة العاقد لنفسه ولكنه استحسن فقال موت العاقد ليس بمبطل للإجارة بعينه بل لما في ابقائه من توريث المنفعة وذلك غير موجود هنا لان المنفعة كانت مملوكة للآمر يستوفيها قبل موت الوكيل وبعده بصفة واحدة قال ولو أن المستأجر ناقض رب الأرض الإجارة فإن كانت الأرض في يد المؤاجر جازت المناقضة لان الآمر لم يتملك بنفس العقد شيئا من المعقود عليه ولا ثبتت يده على شئ فصحت المناقضة من الوكيل كما في جانب الوكيل بالإجارة وإن كان قد دفعها إلى الآمر أو المستأجر ثم ناقض ففي القياس يجوز أيضا لان الآمر لم يملك شيئا من المعقود عليه لكونها معدومة وكذلك لم تثبت يده على المعقود عليه حتى لو تلفت لخراب الدار كان في ضمان الاجر كذلك ولكنه استحسن فقال قبض محل المعقود عليه
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست