المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٥
إلى أجنبي آخر وإن كان العبد هو الذي أجر نفسه فهو برئ من الاجر لأنه هو العاقد واليه قبض البدل بحكم العقد وله أن يكلفه كل شئ من خدمة البيت ويأمره أن يغسل ثوبه وان يخيط ويخبز ويعجن إذا كان يحسن ذلك ويعلق على دابته وينزل بمتاعه من ظهر بيت أو يرقى به إليه ويحلب شاته ويستقى له من ماء البئر فهذا كله يعد من الخدمة وما يكون من الخدمة معلوم عند الناس باعتبار العادة وفي اشتراط تسمية كل ذلك عند العقد حرج والحرج مدفوع وليس له أن يقعده خياطا ولا في صناعة من الصناعات وإن كان حاذقا في ذلك لأنه استأجره للخدمة وهذا العمل من التجارة ليس من الخدمة في شئ وليس على المستأجر إطعامه إلا أن يتطوع بذلك أو يكون فيه عرفا ظاهرا فله أن يأمره بخدمة أضيافه لان ذلك من خدمته فالانسان يستأجر الخادم لينوب عنه فيما هو من حوائجه وخدمة أضيافه من جملة حوائجه وله أن يؤاجره من غيره للخدمة لان هذا مما لا يتفاوت الناس فيه عادة كسكنى الدار ونحوه ولان العبد عاقل لا ينقاد إذا كلف فوق طاقته وبعد الطاقة لا فرق بين أن يستخدمه المستأجر الأول والثاني. وان تزوج المستأجر امرأة فقال لها أخدميني وعيالي فله ذلك لان خدمة العيال من حوائجه وإنما يستأجر الخادم في العادة لذلك وكذلك المرأة ان كانت هي المستأجرة فتزوجت فقالت أخدمني وزوجي فلها ذلك لأنه من حوائجها وهو أظهر فخدمة الزوج عليها فإنما استأجرته لينوب عنها فيما يحق عليها وان استأجرت امرأة رجلا ليخدمها فهو جائز وأكره أن يخلو بها حرا كان أو عبدا لما فيه من خوف الفتنة وإذا استأجر الرجل امرأته لتخدمه كل شهر بأجر مسمى لم يجز لان خدمة البيت مستحقة عليها دينا ومطلوب منها بالنكاح عرفا على ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زوج فاطمة من علي رضي الله عنهما جعل أمور داخل البيت عليها وأمور خارج البيت عليه ولان الشرع ألزمه نفقتها لتقوم بخدمة بيته فلا تستحق مع ذلك أجرا آخر وان سمى وان استأجرها لترضع ولدا له من غيرها أو لترعى دوابه أو تعمل عملا سوى خدمة البيت فهو جائز لان هذا العمل غير مستحق عليها ولا مطلوب بالنكاح منها وان استأجرت المرأة زوجها ليخدمها فهو جائز لان خدمتها غير مستحقة على الزوج وقال في كتاب الآثار له أن يمتنع من الخدمة لأنه يلحقه مذلة بأن يخدم زوجته وذلك عذر في فسخ الإجارة كالحرة إذا أجرت نفسها للظؤرة ولم تكن معروفة بذلك ولو خدمها كان له الاجر عليها وكذلك لو استأجرته يرعى غنمها أو يقوم على عمل لها فإنه في ذلك كأجنبي آخر وان استأجر الرجل ابنه
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست