المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٣
بعقد الإجارة فإنه يجوز بيعه بعد الوجود وإنما يستحق بقدر الإجارة مما لا يجوز بيعه بعد الوجود ولان محل الإجارة المنفعة وهي عرض لا يقوم بنفسه ولا يتصور بقاؤها والثمرة تقوم بنفسها كالشجرة فكما لا يجوز أن يتملك الشجرة بعقد الإجارة فكذلك الثمرة ولان المؤاجر يلتزم مالا يقدر على ابقائه فربما تصيب الثمرة آفة وليس وسع البشر اتخاذها وكذلك ألبان الغنم وصوفها وسمنها وولدها كل ذلك عين يجوز بيعه فلا يتملك بعقد الإجارة وان استأجر أرضا فيها زرع ورطبة أو شجرة أو قصب أو كرم أو ما يمنع من الزراعة فالإجارة فاسدة لان استئجار الأرض لمنفعة الزراعة وهذه المنفعة لا يمكن استيفاؤها مع هذه الموانع فقد التزم بالعقد تسليم مالا يقدر على تسليمه وإن كان مقصود المستأجر ما فيها فهو عين لا يجوز استحقاقه بالإجارة ولا يجوز إجارة الآجام والأنهار للمسك ولا لغيره لان المقصود استحقاق العين ولان السمك صيد مباح فكل من أخذه فهو أحق به وإنما يستحق على المؤاجر بالإجارة ما كان مستحقا له ولان المؤاجر يلتزم مالا يقدر على ايفائه به فان أجرها للزراعة فهي ليست بصالحة لذلك وان أجرها للسمك فربما يجده المستأجر وليس في وسع الاجر أن يمكنه من تحصيل ذلك ولو استأجر بئرا شهرين ليسقى منها أرضه وغنمه لم يجز وكذلك النهر والعين لان المقصود هو الماء وهو عين لا يجوز أن يتملك بعقد الإجارة ولأن الماء أصل الإباحة ما لم يحرزه الانسان بانائه وهو مشترك بين الناس كافة قال صلى الله عليه وسلم الناس شركاء في الثلاث في الماء والكلاء والنار فالمستأجر فيه والأجر سواء فلهذا لا يستوجب عليه أجر بسببه وان استأجر نهر ليجرى فيه شربا له إلى أرضه روى عن أبي يوسف رحمه الله ان ذلك لا يجوز قال أرأيت لو استأجر مسيل ماء على سطح ليسيل ما أسطحه فيه أكان يجوز ذلك فهذا كله فاسد وهكذا ذكره محمد في ظاهر الرواية وروى هشام عن محمد رحمهما الله أنه ان استأجر موضعا معينا معلوما لذلك فهو جائز لان الجهالة تزول بتعيين الموضع وهي منفعة مقصودة فالاستئجار لأجله يصح وجه ظاهر الرواية انه مجهول في نفسه فان الضرر يتفاوت بقلة الماء وكثرته واعلام مقدار الماء غير ممكن فربما لا يأخذ الماء جميع الموضع الذي عينه وربما يزداد عليه فللجهالة قلنا لا يجوز الاستئجار ولو استأجر عبدا بأجر معلوم كل شهر بطعامه لم يجز لان طعامه مجهول وهو على رب العبد فإذا شرطه على المستأجر كان فاسدا والمجهول متى ضمن إلى المعلوم يصير الكل مجهولا به وكذلك استئجار الدابة بأجر مسمى وعلفها وكذلك كل إجارة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست