المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٩٣
وعلى كل رجل ربع وعندهما ثلاث على كل رجل الثلث وعلى النسوة الثلث وإن كان رجوع الشهود عن الشهادة في مرض الموت فذلك منهما بمنزلة الاقرار بالدين على أنفسهما في مرضهما فيبدآن بدين الصحة وإذا شهد شاهدان على رجل أنه باع عبده هذا بألف درهم وهو يساوى ألفين على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فقضى القاضي ثم مضت الثلاثة فوجب البيع ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا فضل ما بين القيمة والثمن لأنهما أتلفاه بشهادتهما بغير عوض (فان قيل) لا كذلك فالبيع بشرط خيار البائع لا يزيل ملكه عن المبيع وقد كان متمكنا من دفع الضرر عن نفسه بفسخ البيع في المدة فإذا لم يفعل كان راضيا بهذا البيع فينبغي أن لا يضمن الشاهدان شيئا (قلنا) زوال الملك وإن كان يتأخر إلى سقوط الخيار فالسبب هو البيع المشهود به ولهذا استحق المشترى المبيع بزوائده فكان الاتلاف حاصلا بشهادتهم والبائع كان منكرا لأصل البيع فمع انكاره لا يمكن أن يتصرف بحكم الخيار لأنه إذا تصرف بحكم الخيار يصير مقرا بالبيع ويتبين للناس كذبه والعاقل يتحرز عن ذلك بجهده فلهذا لا يعتبر تمكنه من الفسخ في اسقاط الضمان عن الشهود ولو أوجب البيع في الثلاثة لم يضمن له الشاهدان شيئا لأنه صار مقرا بالبيع مزيلا ملكه باختياره فلا يكون الشاهد متلفا عليه بشهادته. وكذلك لو كان شرط الخيار للمشترى وهو منكر للشراء وفي قيمة العبد نقصان عن الثمن فان سكت المشترى حتى مضت المدة ضمن المشهود له النقصان عند الرجوع وان اختار البيع قبل الثلاثة لم يضمنا له شيئا لما بينا في جانب البيع ولو شهدا برهن عبده والراهن مقر بالدين جاحد للرهن فقضي القاضي بالعبد رهنا ثم رجعا فإن لم يكن في قيمة العبد فضل على الدين فلا ضمان عليهما لأنهما شهدا بثبوت يد الاستيفاء للمرتهن ولو شهد على المطلوب بحقيقة ايفاء الدين بمال في يده هو مثل الدين لم يضمنا عند الرجوع. فكذلك إذا شهدا بثبوت يد الاستيفاء للمرتهن في ماله وإن كان في قيمته فضل على الدين لم يضمنا أيضا ما دام العبد حيا لأنه باق على ملك المطلوب وهو متمكن من أخذه بقضاء الدين وهو مقر بالدين فإذا مات عند المرتهن ضمنا ذلك الفضل لأنهما أتلفا الفضل عليه بغير عوض حين أثبتا حق الحبس فيه للمرتهن ولم يسقط شئ من الدين عنه باعتباره ولو كان الراهن هو الذي ادعى الرهن وجحد المرتهن ذلك فقضى القاضي بشهادتهما فلا ضمان عليهما لأنهما ما أتلفا على المرتهن شيئا فان حقه في المطالبة بالدين بعد الرهن كما كان من قبل وهو متمكن من رد الرهن لان
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 » »»
الفهرست