المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨
التراضي فإن كان في الميراث بينهم رقيق وثياب وغنم ودور وضياع فاقتسموها بينهم وأخذ كل واحد منهم صنفا جاز ذلك لوجود التراضي منهم على انشاء المعاوضة وان رفعوا إلى القاضي قسم كل صنف بينهم على حدة ولا يضيف بعضها إلى بعض لان للقاضي ولاية التمييز بالقسمة وإنما يغلب معنى التمييز إذا قسم كل واحد من صنف على حدة ولان القاضي يعتبر المعادلة في كل ما يتهيأ له اعتباره وقسمة كل صنف على حدة أقرب إلى المعادلة فأما اتفاقهم على القسمة يعتمد التراضي دون المعادلة وإذا تمت بتراضيهم بعد ذلك كيف وقعت القسمة وإذا كانت الغنم بين رجلين فقسمها نصفين ثم أقرعا فأصاب هذا طائفة وهذا طائفة ثم ندم أحدهما وأراد الرجوع فليس له ذلك لان القسمة قد تمت بخروج السهام وكذلك لو رضيا برجل قسمها ولم يألوا أن يعدل في ذلك ثم أقرع بينهما هو جائز عليهما لان فعله بتراضيهما كفعلهما وان تساهموا عليها قبل أن يقسموها فأيهم خرج سهمه عدوا له الأول فالأول فهذا يجوز لأنه مجهول لا يعرف ما يصيب كل واحد منهم بالقسمة وفي القسمة معنى البيع فالجهالة التي تفضى إلى المنازعة تفسدها كما تفسد البيع وإن كان في الميراث إبل وبقر وغنم فجعلوا الإبل قسما والغنم قسما والبقر قسما ثم تساهموا عليها وأقرعوا على أن من أصابه الإبل رد كذا درهما على صاحبيه نصفين فهو جائز لان القسمة لا تتم بينهم الا بخروج القرعة وعند ذلك من وجب عليه الدراهم ومن وجب له معلوم بخلاف الأول فهناك عند خروج القرعة ما يأخذه كل واحد ممن خرجت القرعة باسمه مجهول فيما يتفاوت فان ندم أحدهم بعد ما وقعت السهام لم يستطع نقض ذلك لان القسمة تمت بالتراضي فان رجع عن ذلك قبل أن يقع السهام فله ذلك لان القسمة لم تتم بعد ونفوذ هذه القسمة باعتبار المراضات فيعمل الرجوع من كل واحد منهم قبل تمامها كما في البيع يصح الرجوع بعد الايجاب قبل القبول وكذلك أن وقع سهم وبقي سهمان فرجع عن ذلك جاز رجوعه وان وقعت السهام كلها الا سهم واحد لم يكن لبعضهم أن يرجع بعد ذلك لان القسمة قد تمت فبخروج سائر السهام يتعين ما يصيب السهم الباقي خرج أو لم يخرج وإن كان الثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته لم يقسم لان في قسمته ضررا فإنه يحتاج إلى قطع الثوب بينهما وفي قطعه اتلاف جزء منه فلا يفعله القاضي مع كراهة بعض الشركاء فان رضيا بذلك جميعا قسمه بينهما لوجود الرضا منهما بالتزام هذا الضرر وقد قال بعض مشايخنا القاضي لا يفعل ذلك وان تراضيا عليه ولكن ان اقتسما فيما بينهما لم يمنعهما من ذلك لان في هذه
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست