المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤
الورثة مراعاة لحقهم وفيه نظر للميت أيضا من حيث أن وارثه يقوم بحفظ ما يصيبه من ذلك ويكون ذلك مضمونا عليه ما لم يصل إلى صاحب الدين حقه ولا يأخذ كفيلا بشئ من ذلك أرأيت لو لم يجد الوارث من يكفل عنه أولم يجد الغريم من يكفل عنه أيسع القاضي إمساك حقه وهو يعرف أنه حقه وإنما يطلب الكفيل بشئ لم يلحقه بعد ولكنه يخاف ذلك وعسى لا يلحقه شئ وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وفي الجامع الصغير قال هذا شئ احتاطه القضاة وهو جور أي مائل عن طريق القصد فقد بينا المسألة في كتاب الدعوى وإن لم يعلم القاضي بالدين سألهم هل هي دين أم لا فان قالوا لا فالقول قولهم ويقسم المال بينهم لتمسكهم بالأصل وهو فراغ ذمة الميت عن الدين ولان المال في أيديهم فقد زعموا أنه خالص حقهم فيقبل فيه قولهم ما لم يحضر خصم ينازعهم فان ظهر دين بعد ذلك نقض القسمة بينهم لأنه لو كان الدين معلوما لم يشتغل بالقسمة فكذلك إذا ظهر بعد القسمة لأنه تبين أن القسمة كانت قبل أوانها فان أوان القسمة بعد قضاء الدين وكذلك لو قسم قبل أن يسألهم عن الدين إلا أن يقضوا الدين الذي ظهر قبل أن تنقض القسمة فحينئذ لا ينقضها لارتفاع الموجب لنقضها كمالا ينقض سائر تصرفات الوارث إذا قضى الدين من موضع آخر وكذلك لو لحق وارث آخر لم يعرفه الشهود ولم يشهدوا عليه لان القسمة تنتقض في كلها لأنه تبين انها وقعت بغير محضر بن بعض الشركاء ولو لم تنقض القسمة تضرر به هذا الوارث لأنه يحتاج إلى أن يستوفي مما وصل إلى كل واحد منهم مقدار نصيبه فيتفرق نصيبه في مواضع فلهذا تنتقض القسمة ويستقبل بينهم وان أقر أحدهم لرجل بدين وجحد ذلك بعضهم قسمت التركة بينهم على المواريث لان الدين المانع من ذلك لا يظهر في حق الجاحدين ثم يؤمر المقر بقضاء الدين من نصيبه إذا كان في نصيبه وفاء بذلك عندنا وعند الشافعي رحمه الله يقضي من نصيبه بقدر حصته وقد بينا المسألة في الاقرار ولو قسم القاضي التركة بينهم ثم أقام رجل البينة أن الميت أوصي له بألف درهم وهي تخرج من ثلثه فالقسمة تبطل لان الوصية بالمال المرسل إذا كان يخرج من الثلث يستحق سابقا على الميراث كالدين فظهور هذه الوصية بعد القسمة كظهور الدين فان غرم الوارث هذه الألف من مالهم مضت القسمة لوصول حق الموصي له بكماله إليه كما لو قضوا الدين وكذلك لو قضى ذلك واحد منهم على أن لا يرجع عليهم بشئ وهو سواء في الدين والوصية وان أراد أن يرجع عليهم لم تجز القسمة لان قيام حقه في التركة كقيام حق صاحب الدين والموصي له
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست