المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٣٥
للمسلمين فاما القرى فليست بمواضع اعلام الدين فلا يمنعون من احداث ذلك في القرى (قال) رضي الله عنه والقول الأول عندي أصح فان المنع من ذلك في الأمصار لا يفتتن به بعض جهال المسلمين (ألا ترى) أنهم إذا لم يظهروا لم يمنعوا من أن يضعوا من ذلك بينهم ما شاؤوا وخوف الفتنة في إظهار ذلك في القرى أكثر فان الجهل على أهل القرى أغلب واليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم في قوله أهل القبور هم أهل الكفور والدليل على أن المعنى ما قلنا قوله صلى الله عليه وسلم انا برئ من كل مسلم مع مشرك لا نراء ناراهما وقوله صلى الله عليه وسلم لا تستضيئوا بنار المشركين ولو كان المستأجر مسلما فظهر منه فسق في الدار أو دعارة أو كان يجمع فيها على الشرب منعه رب الدار من ذلك كله لا لملكه الدار بل على سبيل النهى عن المنكر فإنه فرض على كل مسلم صاحب الدار وغيره فيه سواء وليس لرب الدار أن يخرجه من الدار من أجل ذلك مسلما كان أو ذميا لان عقد الإجارة لازم لا يفسخ الا بعذر والعذر ضرر يزول بفسخ الإجارة وهذا ليس من تلك الجملة فلا تفسخ الإجارة لأجله أرأيت لو كان باعه الدار كان يفسخ البيع لما ظهر منه لا سبيل له إلى ذلك فكذلك الإجارة وإذا سقط حائط من الدار فأراد المستأجر ترك الإجارة نظر في ذلك فإن كان لا يضر بالسكنى فليس له أن يخرج لان المستحق بالعقد منفعة السكنى ولم يتغير بما حدث فهو كما لو استأجر عبدا للخدمة فأعور العبد وذلك لا بنقص من خدمته وإن كان يضر ذلك بالسكنى فله أن يخرج لتمكن الخلل في مقصوده والعيب الحادث في المعقود عليه للسكنى بمنزلة العبد المستأجر للخدمة إذا مرض وهذا لما تقدم أن يقبض الدار لا تدخل المنفعة في ضمان المستأجر فحدوث المغير بعد قبض الدار وقبله سواء إلا أن ينتبه صاحب الدار قبل فسخ المستأجر العقد فحينئذ لا يكون للمستأجر أن يفسخ لزوال العيب وارتفاع المغير كالعبد إذا برأ وإنما يكون له حق الفسخ بحضرة رب الدار فإن كان غائبا فليس له أن يفسخ لان هذا بمنزلة الرد بالعيب فلا يكون الا بمحضر من الاجر لما فيه من إلزام حكم الرد الاخر فيستوى في ذلك ما قبل القبض وما بعده كما في رد المبيع بالعيب ولو خرج في حال غيبة رب الدار فالاجر واجب عليه كما لو سكن لأن العقد حق وهو متمكن من استيفاء المنفعة مع التغير فلزمه الاجر وكذلك أن سكن مع حضرة رب الدار لان التغير في وصف المعقود عليه فإذا رضي به لا يحط شئ من الاجر كالمشترى إذا رضى بالعيب وان سقطت الدار كلها فله أن يخرج شاهدا كان صاحب الدار أو غائبا وفيه
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست