المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٣٤
ملك نفسه على وجه لا يضر بغيره كيف شاء وإن كان أكثر مضرة فهو يريد أن يلحق به ضررا لم يرض به صاحب الدار فيمنع من ذلك والمسلم والذمي والحربي المستأمن والحر والمملوك التاجر والمكاتب كلهم سواء في الإجارة لأنها من عقود التجارة وهم في ذلك سواء وان استأجر الذمي دارا سنة بالكوفة بكذا درهما من مسلم فان اتخذ فيها مصلى لنفسه دون الجماعة لم يكن لرب الدار أن يمنعه من ذلك لأنه استحق سكناها وهذا من توابع السكنى وان أراد أن يتخذ فيها مصلى للعامة ويضرب فيها بالناقوس فلرب الدار أن يمنعه من ذلك وليس ذلك من قبل أنه يملك الدار ولكن على سبيل النهى عن المنكر فإنهم يمنعون من أحداث الكنائس في أمصار المسلمين فلكل مسلم أن يمنعه من ذلك كما يمنعه رب الدار وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم لا خصاء في الاسلام ولا كنيسة والمراد نفي احداث الكنائس في أمصار المسلمين وفي الخصاء تأويلان (أحدهما) خصاء بني آدم فذلك منهى عنه وهو من جملة ما يأمر به الشيطان قال الله تعالى ولآمرنهم فلا يغيرن خلق الله والامتناع من صحبة النساء على قصد التبتل والترهب والحاصل أنهم لا يمنعون من السكنى في أمصار المسلمين فيجوز بيع الدور واجارتها منهم للسكنى إلا أن يكثروا على وجه نقل بسببه جماعات المسلمين فيحنئذ يؤمرون بأن يسكنوا ناحية من المصر غير الموضع الذي يسكنه المسلمون على وجه يأمنون اللصوص ولا يظهر الخلل في جماعات المسلمين ويمنعون من أحداث البيع والكنائس في أمصار المسلمين فإذا أراد أن يتخذ مصلى العامة فهذا منه احداث الكنيسة وكذلك يمنعون من إظهار بيع الخمور في أمصار المسلمين لان ذلك يرجع إلى الاستخفاف بالمسلمين وما أعطيناهم الذمة على أن يظهروا ذلك فكان الاظهار فسقا منهم في التعاطي فلكل مسلم أن يمنعهم من ذلك صاحب الدار وغيره فيه سواء وكذلك يمنعون من إظهار شرط الخمر وضرب المعازف والخروج سكارى في أمصار المسلمين لما فيه من الاستخفاف بالمسلمين أيضا ولو كان هذا في دار بالسواد أو بالجبل كان للمستأجر أن يصنع فيها ما شاء وكان أبو القاسم الصفار رحمه الله يقول هذا الجواب في سواد الكوفة فان عامة من يسكنها من اليهود والروافض لعنهم الله فأما في ديارنا يمنعون من احداث ذلك في السواد كما يمنعون في المصر لان عامة من يسكن القرى في ديارنا مسلمون وفيها الجماعة والدرس ومجلس الوعظ كما في الأمصار فاما وجه ظاهر الرواية أن الأمصار موضع إعلام الدين نحو إقامة الجماعات وإقامة الحدود وتنفيذ الاحكام في احداث البيع في الأمصار معنى المقابلة
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست