المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٣٠
تحالفا وترادا فالحديث صحيح مشهور فيترك كل قياس بمقابلته وكان أبو حازم القاضي يقول إن كانت السلعة في يد البائع فالتحالف بطريق القياس لان كل واحد منهما يدعى حقا لنفسه على صاحبه فان البائع يدعى زيادة الثمن والمشترى يدعى وجوب تسليم السلعة إليه عند أداء ما أقر به من الثمن فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه قياسا وان كانت في يد المشترى فالتحالف بخلاف القياس لان المشترى لا يدعى لنفسه على البائع شيئا فان المبيع مسلم إليه باتفاقهما وكان أبو يوسف يقول أولا يبدأ بيمين البائع وهو قول زفر واحدى الروايتين عن أبي حنيفة لان الشرع جعل القول قول البائع وهو يقتضى الاكتفاء بيمينه وان كأن لا يكتفي بيمينه فلا أقل من أن يبدأ بيمينه ولان المقصود من الاستحلاف النكول وبنكوله تنقطع المنازعة بنفسه وبنكول المشترى لا تنقطع المنازعة ولكن يجبر على أداء ما ادعى من الثمن واليمين تقطع المنازعة فيبدأ بيمين من يكون نكوله أقرب إلى قطع المنازعة ثم رجع فقال يبدأ بيمين المشترى وهو قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة لأنه أظهرهما انكارا واليمين على المنكر ولان أول التسليمين على المشترى وهو تسليم الثمن فأول اليمينين عليه ولهذا قلنا في بيع المقابضة القاضي يبدأ بيمين أيهما شاء لأنه لا يجب على أحدهما التسليم قبل صاحبه وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه لان نكوله بدل أو هو قائم مقام الاقرار وان حلفا جميعا معا ذكر في كتاب الدعوى ان قي القياس يكون البيع بينهما بألف درهم لان الزيادة التي ادعاها البائع انتفت بيمين المشترى وقد تصادقا على صحة البيع بينهما فيقضي بالبيع بما وقع عليه الاتفاق من الثمن ولكنا تركنا القياس وقلنا يفسخ البيع بينهما بالسنة وهو قوله صلى الله عليه وسلم ويترادان والمراد رد العقد لا رد المقبوض لان ما يكون على ميزان التفاعل يقتضى وجوده من الجانبين وأحد البدلين غير مقبوض وقد بينا في السلم انه إنما يفسخ العقد إذا طلب ذلك أحدهما وأيهما أقام البينة أوجب قبول بينته أما البائع فلانه مدعي حقيقة وقد أثبت الزيادة بالبينة وأما المشترى فلانه مدعي صورة لأنه يدعى العقد بألف درهم والدعوى صورة تكفى لقبول البينة كالمودع إذا ادعى رد الوديعة وأقام البينة وان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة البائع لما فيها من اثبات الزيادة. قال (وان كانت السلعة قد هلكت في يد المشترى ثم اختلفا في الثمن) فعلى قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى القول قول المشترى مع يمينه وعند محمد والشافعي رحمهما الله تعالى يتحالفان ويترادان العقد لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم إذا اختلفا
(٣٠)
مفاتيح البحث: البيع (4)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست