المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٩٥
من إباقها ثم اشتراها أحد الشاهدين فوجدها آبقة فليس له أن يردها لان الإباق هنا مضاف إليها بحرف الكتابة وتخصيصه من بين سائر العيوب بالإضافة إليها يكون اخبار بوجوده فيها فالشاهد أقدم على شراءها وهو عالم بعيبها فلا يكون له أن يردها بالعيب. قال (وإذا اشترى جارية ولم يتبرأ البائع من عيوبها فوطئها المشترى ثم وجد بها عيبا فليس له أن يردها بالعيب عندنا بكرا كانت أو ثيبا عندما اشتراها) و (قال) الشافعي رحمه الله ان كانت بكرا فكذلك الجواب وان كانت ثيبا فله أن يردها بالعيب ولا يغرم للوطئ شيئا و (قال) ابن أبي ليلى يردها بكرا كانت أو ثيبا ويرد معها عقرها وعقرها عشر قيمتها ان كانت بكرا أو نصف عشر قيمتها ان كانت ثيبا وجه قول الشافعي انه قادر على ردها كما قبضها فله أن يردها كما قبل الوطئ وهذا لان الوطئ في الثيب لا يوجب نقصانا في عينها حقيقة ولا حكما وإنما استوفى منها محض منفعة فهو كما لو استخدمها ثم اطلع على عيب بها بل أولى فان الاستخدام يعيبها والوطئ يمنعها بخلاف ما إذا كانت بكرا فالوطئ هناك يفوت جزء منها فان صفة البكارة في الجارية بمنزلة جزء من عين هو مال متقوم ولهذا استحق بالبيع شرطا * والدليل على الفرق ان المشترى بعد ما وطئ البكر ليس له أن يبيعها مرابحة من غير بيان وفي الثيب له أن يبيعها مرابحة بعد الوطئ من غير بيان. وكذلك لو كانت ذات زوج فوطئها الزوج عند المشترى فإن كانت بكرا ليس للمشترى أن يردها بعيب النكاح بعد ذلك وان كانت ثيبا فله ذلك. وكذلك البائع إذا وطئ المبيعة قبل القبض فإن كانت ثيبا لم يسقط شيئا من الثمن ولا يتخير المشترى به في قول أبي حنيفة بخلاف ما إذا كانت بكرا وبهذه الفصول يتبين ان الوطئ في الثيب بمنزلة الاستخدام وكما أن الوطئ لا يحل الا في الملك فالاجبار على الخدمة لا تحل الا في الملك ثم لا يمنع نسبة الرد بالعيب * وحجتنا في ذلك اجماع الصحابة رضوان الله عليهم فقد قال على وابن مسعود رضي الله عنهما لا يردها بعد الوطئ و (قال) عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما يردها ويرد معها عشر قيمتها ان كانت بكرا ونصف عشر قيمتها ان كانت ثيبا فقد اتفقوا على أن الوطئ لا يسلم للمشترى مجانا فمن قال يردها ولا يرد معها شيئا فقد خالف أقاويل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكفى باجماعهم حجة عليه ثم إنهم كانوا مجمعين على أن الوطئ بمنزلة الجناية الا انه كان من مذهب عمر وزيد رضوان الله عليهما ان المشترى إذا جنى عليها ثم علم بعيب يردها ويرد معها الأرش ففي الوطئ أجابا نحو ذلك وعلي وابن مسعود رضى الله
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست