المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٩٣
لا يحتاج فيه إلى التسليم والجهالة التي لا تفضي إلى المنازعة أولى ولا معنى لقول من يقول إن الايجاب في المجهول في معنى التعليق بشرط البيان فما لا يحتمل التعليق بالشرط لا يصح ايجابه في المجهول لان الشرط داخل على نفس السبب حتى يجعله في حكم تصرف آخر هو يمين والجهالة تدخل على حكم السبب فإذا كانت تفضى إلى المنازعة يتعذر اثبات الحكم مع الجهالة وإذا كانت لا تفضي إلى المنازعة لا تتعذر فلا يمنع صحته إذا ثبت صحة هذا الشرط ثبت جواز العقد معه لان هذا الشرط يقرر مقتضى العقد ومقتضى العقد اللزوم والعقد بهذا الشرط يلزم سليما كان المبيع أو معيبا ثم البائع بهذا الشرط يمتنع من التزام ما لا يقدر على تسليمه لان عند اطلاق العقد يلتزم تسليم المبيع بصفة السلامة وإذا كان معيبا فهو عاجز عن تسليمه سليما وعند هذا الشرط يلتزم التسليم على الصفة التي عليها المبيع وهو قادر على تسليمه بتلك الصفة والقدرة على التسليم شرط جواز العقد لا أن يكون موجبا فساد العقد ثم لا يتمكن جهالة في المبيع بهذا الشرط لأنه مشار إليه معلوم بالإشارة إلى عينه والى مكانه وليس مقصوده من هذا الشرط الاقرار بالعيوب به فلا يجتمع كل عيب في عيب واحد وإنما يقصد بذكر هذا الشرط التزام البيع والتزام التسليم على وجه يقدر عليه وهذا من الحكمة. ولهذا قلنا إن المشترى بقوله لا عيب به لا يصير مقرا باسقاط العيوب عنه بل قصده من ذلك ترويج السلعة بخلاف قوله ليس بآبق ففي تخصيصه هذا العيب بالذكر ما يدل على أن مراده نفى هذا العيب عنه ولئن تمكنت جهالة في وصف المعقود عليه بهذا الشرط فهي جهالة لا تفضي إلى المنازعة فلا يؤثر في العقد كجهالة مقدار العيب المسمى. وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يقول لا تصح البراءة من العيب مع التسمية ما لم يره المشترى وقد جرت المسألة بينه وبين أبي حنيفة في مجلس الدوانيقي فقال له أبو حنيفة أرأيت لو أن بعض حرم أمير المؤمنين باع عبدا برأس ذكره برص أكان يلزمها ان يرد ذلك المشترى وما زال به حتى أفحمه وضحك الخليفة مما صنع به فإذا عرفنا جواز العقد لهذا الشرط (قلنا) تدخل فيه البراءة من كل عيب موجود به وقت العقد فان حدث به عيب آخر بعد البيع قبل التسليم فهو داخل في هذه البراءة أيضا في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وهو الظاهر من قول أبى يوسف رحمه الله و (قال) محمد وزفر والحسن رحمهم الله لا تدخل البراءة عن العيب الحادث في هذا الشرط وهو رواية عن أبي يوسف لان ذلك مجهول لا يدرى أيحدث أم لا وأي مقدار يحدث ولو صرح بالتبري من
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست