المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٩٦
فيثبت بالشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال وإذا رجع شهود العتق بعد القضاء لم يبطل العتق لأنهما لا يصدقان في ابطال الحكم ولا في ابطال حق العبد ولكنهما يضمنان قيمته لأنهما أتلفا ماليته على المولى وقد أقر بالرجوع أنهما أتلفاه عليه بغير حق والمعتبر في الضمان عند الرجوع بقاء من بقي على الشهادة لا رجوع من رجع وقد بينا هذا في الطلاق وان شهد شاهدان بعتقه فلم يحكم بشهادتهما للتهمة ثم ملكه أحدهما عتق عليه لأنه قد أقر بحريته وذلك الاقرار صحيح لازم في حقه إلا أنه لم يكن عاملا لانعدام الملك له في المحل فإذا وجد الملك عمل وكان كالمجدد للاقرار بعد ما ملكه فيكون حرا من ماله وإذا شهدا بعتقه فحكم بشهادتهما ثم رجعا عنه فضمنا قيمته ثم قامت بينة غيرهم بأن المولى قد كان أعتقه فان شهدوا أنه أعتقه بعد شهادة هؤلاء لم يسقط عنهم الضمان بالاتفاق لأنهم شهدوا بما هو لغو فإنه عتق بقضاء القاضي والمعتق لا يعتق وان شهدوا أنه أعتقه قبل شهادة هؤلاء لم يرجعوا بما ضمنوا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يرجعون على المولى بما ضمنوا وهذا بناء على ما بينا أن عندهما الشهادة على عتق العبد تقبل من غير دعوى فثبت بشهادة الفريق الثاني حرية العبد من الوقت الذي شهدوا به وإن لم يكن هناك مدعيا لذلك ثم تبين به أن الفريق الأول لم يتلفوا على المولى شيئا بشهادتهم وانه أخذ ما أخذ منهم بغير حق وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تقبل الشهادة على عتق العبد من غير الدعوى ولا مدعى لما يشهد به الفريق الثاني فان العبد قد حكم بحريته فلا يمكنه أن يدعى العتق والفريق الأول لما شهدوا بأنه أعتقه في وقت لا يمكنهم أن يدعوا عتقا في وقت سابقا عليه للتناقض فلانعدام الدعوى لا تقبل شهادة الفريق الثاني ولا يجب على المولى رد شئ مما أخذه من الفريق الأول ولو قيد رجل عبده ثم قال إن لم يكن في قيده عشرة أرطال حديد فهو حر وان حل قيده فهو حر فشهد شاهدان أن في قيده خمسة أرطال حديد فقضى القاضي بعتقه ثم حل القيد فإذا فيه عشرة أرطال فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الشهود يضمنون قيمته للمولى وهو قول أبى يوسف رحمه الله تعالى الأول وفي قول الآخر وهو قول محمد رحمه الله تعالى لا يضمنون له شيئا وهذا بناء على أن قضاء القاضي بالعتق بشهادة الزور عند أبي حنيفة رحمه الله ينفذ ظاهر وباطنا وفي قول أبى يوسف رحمه الله الآخر وهو قول محمد رحمه الله تعالى ينفذ ظاهرا لا باطنا فتبين ان قضاء القاضي بشهادتهما لم يكن نافذا في الباطن وان
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست