المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٩٤
فيه من غير الدعوى كالعفو عن القصاص ثم العبد غير متهم في هذا الانكار لان العاقل لا يجحد الحرية ليستكسبه غيره فينفق عليه بعض كسبه ويجعل الباقي لنفسه فصح انكاره وصار به مكذبا لشهوده بخلاف الأمة لأنها متهمة في الانكار على ما قلنا حتى لو كان العبد متهما بأن كان لزمه حد قذف أو قصاص في طرف فأنكر العتق تقبل الشهادة ومن أصحابنا من قال التناقض إنما يعدم الدعوى فيما يحتمل الفسخ بعد ثبوته لان أول كلامه ينقض آخره وآخره ينقض أوله فاما فيما لا يحتمل النقض بعد ثبوته فلا معتبر بالتناقص كما في دعوى النسب فان الملاعن إذا أكذب نفسه ثبت النسب منه ولا ينظر إلى تناقضه في الدعوى ولا ناقض لحرية الأصل في دارنا فالتناقض فيه لا يكون معدما للدعوى وهذا ضعيف فان من أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه بعدما أقر بنسب ولد أمته لغيره لو ادعاه لنفسه لا يصح للتناقض والنسب لا يحتمل القض والوجه ان يسلك فيه طريقة الشبهين فنقول من حيث السبب المشهود به من حق الشرع بمنزلة طلاق الزوجة وعتاق الأمة ومن حيث الحكم المطلوب بالسبب هو حق العبد كما بينا وما تردد بين الشبهين يوفر حظه عليهما فلشبهه بحقوق العباد قلنا الشهادة لا تقبل بدون الدعوى ولشبهه بحق الشرع قلنا التناقض في الدعوى لا يمنع قبول البينة عليه وإذا شهدوا انه أعتق عبده سالما ولا يعرفون سالما وله عبد واحد اسمه سالم فإنه يعتق لما بينا ان ايجاب العتق في المجهول صحيح ولان ملكه متعين لما أوجبه فبأن لا يعرف الشهود العبد لا يمنع قبول شهادتهم كما أن القاضي يفضى بالعتق إذا سمع هذه المقالة من المولى وإن كان هو لا يعرف العبد ولو شهدوا به في البيع أبطلته لما بينا ان الجهالة التي تفضى إلى المنازعة تمنع صحة البيع وإذا لم يعرف الشهود العبد فهذه جهالة تفضي إلى المنازعة ويتعذر على القاضي القضاء لأجله بالشهادة وإذا شهدوا عليه بعتق عبد بعينه واختلفا في الوقت أو المكان أو اللفظ أو اللغة أو شهد أحدهما أنه أعتقه وشهد الآخر أنه أقر انه أعتقه فالشهادة جائزة لان العتق قول يعاد ويكرر فلا يختلف المشهود به باختلافها في الزمان والمكان ولا باختلافهما في اللغة وصيغة الاقرار والانشاء في العتق واحد وان اختلفا في الشرط الذي علق به العتق لم يجز لان أحدهما يشهد بعتق يتنجز عند دخول الدار والآخر بعتق يتنجز عند كلام فلان والكلام غير الدخول فلا يتمكن القاضي من القضاء بواحد من الشرطين وان اتفقا على أنه قال له ان دخلت الدار فأنت حر وقال المولى إنما قلت له ان كلمت فلانا فأنت حر فأيهما
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست