المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٨٣
لو نجز التخيير بعد البينونة وعلماؤنا رحمهم الله تعالى قالوا التعليق بالشرط قد صح ووجد الشرط وهي محل لوقوع الطلاق عليها فينزل ما تعلق كما لو وجد الشرط بعد الطلاق الرجعي وكما لو قال لها ان دخلت الدار فأنت طالق وهذا لأن هذه الألفاظ إنما تخالف الصريح في الحاجة إلى نية الفرقة أو رفع النكاح بها والحاجة إلى هذه النية عند التلفظ بها فإذا كان التلفظ بعد البينونة لم تصح هذه النية وإذا كان قبل البينونة صحت النية وتعلق الطلاق بالشرط ثم لا حاجة إلى النية عند وجود الشرط فكانت هذه الألفاظ عند وجود الشرط في وقوع الطلاق بها كلفظ الصريح وإنما الحاجة في وجود الشرط إلى وجود المحل وباعتبار العدة هي محل لوقوع الطلاق عليها وبه فارق الظهار فإنها لم تبق محلا للظهار باعتبار العدة لان الظهار تشبيه المحللة بالمحرمة وموجبه حرمة مؤقتة إلى التكفير وبعد ثبوت الحرمة بزوال الملك على الاطلاق لا تكون محلا للحرمة المؤقتة وهذا بخلاف التخيير لان الوقوع هناك باختيارها نفسها لا بتخيير الزوج ولهذا كان الضمان على شاهدي الاختيار دون التخيير واختيارها نفسها بعد الفرقة باطل لأنها صارت أحق بنفسها فاما هنا الوقوع عند وجود الشرط باليمين السابق ولهذا كان الضمان على شاهدي اليمين دون شاهدي الشرط واليمين قد صحت كما قررنا (قال) في الكتاب ألا ترى أنه لو آلي من امرأته ثم طلقها واحدة بائنة ثم مضت مدة الايلاء وهي في العدة وقعت عليها تطليقة الايلاء وزفر رحمه الله تعالى يخالف في هذا أيضا ولكن من عادته الاستشهاد بالمختلف على المختلف لايضاح الكلام وإذا قال لامرأته أنا بائن يعني منك ولم يقل منك فليس هذا بشئ وان عني به الطلاق وكذلك لو قال أنا حرام ولم يقل عليك بخلاف ما إذا قال أنت بائن أو أنت حرام والفرق ان البينونة قطع الوصلة المشتركة ولا وصلة في حقها الا التي بينه وبينها إذ لا يتصور على المرأة نكاحان فعند إضافة البينونة إليها تتعين الوصلة التي بينه وبينها وإن لم يضف إلى نفسه واما في جانبه فالوصلة تتحقق بينه وبين غيرها مع قيام الوصلة بينه وبينها فإذا قال أنا بائن لا يتعين بهذا اللفظ الوصلة التي بينهما ما لم يقل منك وكذلك في لفظ الحرمة فإنها لا تحل الا له خاصة فإذا قال أنت حرام يتعين الحل الذي بينهما للرفع بهذا اللفظ وإذا قال أنا حرام لا يتعين الحل الذي بينهما لجواز الحل الذي بينه وبين غيرها فما لم يقل عليك لا يتم كلامه ايجابا (قال) ولو قال بعد الخلع أو التطليقة البائنة لها في عدتها أنت طالق عندنا يقع الطلاق عليها وعند الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يلحق البائن الصريح
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست