المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٤٦
أمرها على الفساد فأما إذا كان الطلاق بائنا فان جاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الطلاق ثبت نسبه منه باعتبار اسناد العلوق إلى ما قبل الطلاق لان ذلك ممكن وفيه حمل أمرها على الصلاح وان جاءت به لأكثر من سنتين لا يثبت النسب من الزوج لأنا تيقنا أن العلوق كان بعد الطلاق وسواء جعلناه من الزوج أو من غيره ففيه حمل أمرها على الفساد فيجعل من غيره لأنا إذا جعلناه من الزوج كان فيه حمل أمر الزوج على الفساد وهو انه أقدم على الوطئ الحرام وذلك لا يجوز من غير دليل وثبوت فراشه القائم بسبب العدة لا يثبت نسب الولد كفراش الصبي على امرأته ثم يلزمها أن ترد نفقة ستة أشهر في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو رواية بشر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى والظاهر من قول أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يلزمها رد شئ من النفقة وجه قول أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه لم يظهر انقضاء عدتها قبل الولادة فلا يلزمها رد شئ من النفقة كما لو ولدت لأقل من سنتين وهذا لأنها ما دامت معتدة فهي مستحقة للنفقة وما لم يظهر سبب الانقضاء فهي معتدة ولم يظهر للانقضاء هنا سبب سوى الولادة ولو جعلناها كأنها وطئت بشبهة في العدة لم تسقط نفقتها وان جعلناها كأنها تزوجت بعد انقضاء العدة بزوج آخر كان فيه حمل أمرها على الفساد من وجه وهو أنها أخذت مالا بغير حق من زوجها مع أن فيه حكما بنكاح لم يعرف سببه وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا حمل أمرها على الصلاح واجب ما أمكن فلو جعلنا هذا الولد من علوق في العدة كان فيه حمل أمرها على الزنا ولو جعلنا كأن عدتها قد انقضت وتزوجت بزوج آخر وعلقت منه كان فيه حمل أمرها على الصلاح فتعين هذا الجانب ثم تزويجها نفسها بمنزلة اقرارها بانقضاء عدتها أو أقوى فتبين انها أخذت النفقة بعد انقضاء عدتها فعليها ردها وهذا اليقين في مقدار ستة أشهر أدنى مدة الحمل ولا يلزمها الرد الا باليقين ولا معنى لما قال إن في ذلك حمل أمرها على الفساد وهو أخذ المال بغير حق لان حرمة المال دون الزنا فان المال بذله يباح بالاذن ولا يسقط احصانها بالأخذ بغير حق وبالزنا يسقط احصانها ومن ابتلى ببليتين يختار أهونهما ولئن جعلناها كأنها وطئت بالشبهة في العدة فكذلك تسقط نفقتها أيضا لأنه بمعنى النشوز منها حين جعلت رحمها مشغولا بماء غير الزوج ومقصود الزوج من العدة صيانة رحمها فإذا فوتت ذلك كان أعظم من نشوزها وهروبها من بيت العدة فإذا سقطت نفقتها
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست