المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٩١
الضرر عن الزوج وذلك يتم إذا رجع بما ساق إليها ولو كانت وهبت جميع المهر لزوجها لم يرجع الزوج عليها بشئ لان الرجوع بحكم قبضها ولم يقبض شيئا والرجوع لدفع الضرر عن الزوج والضرر مندفع هنا حين سلم له جميع المهر بالهبة (قال) وإذا اختلعت من زوجها بعبد بعينه فمات قبل أن يسلمه فعليها قيمته له كما في الصداق لان السبب الموجب للتسليم لم ينفسخ بهلاكه فان تبين ان العبد كان مات قبل الخلع فإنما يرجع عليها بالمهر الذي أخذت منه لأنها غرته بتسمية العبد وإن كان حيا فاستحق فعليها قيمته لأنه تعذر تسليمه مع بقاء السبب الموجب للتسليم له وان ظهر انه كان حرا فعليها المهر الذي أخذت منه في قول أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما وفى قول أبى يوسف رضي الله عنه عليها قيمته أن لو كان عبدا وهذا والصداق سواء (قال) وان اختلعت منه بما لا يحل كالخمر والخنزير والميتة لم يكن له عليها شئ لان المسمى ليس بمال متقوم في حق المسلمين فلا يتمكن الغرور منها بهذه التسمية فصارت هذه التسمية وجودها كعدمها وبهذا فارق الصداق فان تسمية الخمر هناك وجودها كعدمها ولكن بدون التسمية يجب مهر المثل هناك ولا يجب هنا شئ وان غرته فقالت اختلع منك بهذا الخل فإذا هو خمر فعليها أن ترد المهر المأخوذ في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى عليها مثل ذلك الكيل من خل وسط وهذا والصداق سواء (قال) وإذا تزوجها على ألف درهم ثم اختلعت منه بمال مؤجل فهو جائز إذا كان الاجل معلوما لأن الخلع عقد معاوضة فيصح اشتراط الاجل المعلوم في بدله كسائر المعوضات وإن كان الاجل مجهولا جهالة مستتمة مثل الميسرة أو موت فلان أو قدوم فلان فالمال عليها حال لان الاجل اسم لزمان منتظر ولم يصر مذكورا بذكر هذه الألفاظ لجواز ان يتصل موت فلان أو قدومه والميسرة بالعقد فبقي هذا شرطا فاسدا والخلع لا يبطل به فكان المال حالا عليها وإن كان إلى الاعطاء أو إلى الدياس أو النيروز أو المهرجان فالمال إلى ذلك الاجل لأنهما ذكرا في العقد ما هو أجل وهو الزمان الذي هو منتظر فان وقت الشتاء ليس بزمان الحصاد والدياس بيقين ولكن في آخره بعض الجهالة من حيث أنه قد يتقدم إذا تعجل الحر ويتأخر إذا تطاول البرد ولكن هذا القدر لا يمنع صحة الاجل خصوصا في العقد المبني على التوسع كالكفالة والخلع مبنى على التوسع فتثبت فيه هذه الآجال فان ذهبت الغلة في ذلك العام فلم يكن حصاد ولا جزاز فالأجل إلى مثل ذلك الوقت
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست